{قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين ( 88 ) قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين( 89 )}
المفردات
الملأ: الرؤساء والوجهاء .
قريتنا: هي مدين .
ملتنا: ديننا .
التفسير:
{88 –قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين} .
تشير هذه الآية إلى رد هؤلاء الكفار على رسولهم فقد أخلص لهم النصيحة ودعاهم إلى توحيد الله تعالى ونهاهم عن الفساد في الأرض وحذرهم من التطاول على المؤمنين وذكرهم نعم الله المتعددة عليهم وهذا في الآيات السابقة من الآية 85 إلى الآية 87 من هذه السورة: سورة الأعراف .
وبدلا من استجابتهم لدعوة الإيمان ،أو وقوفهم على الحياد فإنهم تطاولوا على نبي الله شعيب وهددوه ومن معه بالطرد من بلدتهم أو عودتهم ورجوعهم إلى ملة الكافرين .
أي: لا بد من أحد الأمرين: إما الإخراج أو العود إلى دين الكافرين .
{قال أولو كنا كارهين} .
أي أتعيدوننا في ملتكم في حال كراهتنا للعود إليها ؟أو أتخرجوننا من قريتكم في حال كراهتنا للخروج منها ،فليس لكم ذلك ولا يصح لكم أن تكرهونا على ما لا نريد ،فإن المكره لا اختيار له ولا تعدّ موافقته موافقة ولا عوده عودا .
وهذا الصراع بين الحق والباطل ،وبين الرسل والكفار: مشهد متكرر في جميع الرسالات من عهد آدم ونوح إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم .
يقف المرسلون جميعا في جانب الدعوة إلى الحق ،ويقف الجاحدون جميعا في جانب التكذيب .
كأنما تواصى الكفار المحدثون والقدامى بأن يسلكوا نفس هذا المنهج قال تعالى:
{أتواصوا به بل هم قوم طاغون* فتول عنهم فما أنت بملوم* وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين* وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون* إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين . ( الذاريات 54-58 )
وفي الآية 52من سورة الذاريات:{كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} .
وفي سورة إبراهيم جمع الله كلام الرسل إلى قومهم كما جمع كلام الذين كفروا لرسلهم ،لأنه كلام متشابه .قال تعالى:{وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين} . ( إبراهيم 14 )