قوله تعالى:{أولئك}: المشار إليه هؤلاء اليهود الذين نقضوا العهد ؛{اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة} أي اختاروا الدنيا على الآخرة ؛فالآخرة عندهم مزهود فيها مبيعة ؛والدنيا مرغوب فيها مشتراة ؛ووصفت هذه الحياة بالدنيا لدنوها زمناً .لأنها سابقة على الآخرة ؛ولدنوها منْزلة .لأنها دون الآخرة ؛وقد صح عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال:"لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها{[119]} "..
وقوله تعالى:{بالآخرة}: الباء هنا للبدل ؛وهي تدخل دائماً على الثمن ،كقولهم:"اشتريت الثوب بدينار ": فالدينار هو الثمن ؛ويقال:"اشتريت الدينار بثوب ": فالثوب هو الثمن ..
قوله تعالى:{فلا يخفف عنهم العذاب} أي لا يهوَّن عنهم لا زمناً ،ولا شدة ،ولا قوة ؛{ولا هم ينصرون} أي ولا أحد يمنع عنهم عذاب الله ؛لقوله تعالى:{وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب * قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} [ غافر: 49 ،50]؛فهم يائسون من الخروج ؛فلم يقولوا:"أخرجنا من النار "،ولم يقولوا:"يخفف عنا دائماً "؛بل قالوا:{يخفف عنا يوماً من العذاب}: يتمنون أن العذاب يخفف عنهم يوماً واحداً من الأبدي السرمدي ؛ولكن ذلك لا يحصل لهم ؛فيقال لهم توبيخاً ،وتقريعاً ،وتنديماً:{أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا}؛ولا ينفعهم الدعاء ،كما قال تعالى:{وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} ،أي ضياع ..
/خ86