وقد فهّمنا سليمانَ الحكم الصوابَ وآتيناه الحكمة والعلم جميعا .
وقصة الحكم: أن غنماً رعت في زرع بالليل فأفسدته ،فقضى داود بأن صاحب الزرع يأخذ الغنم مقابل زرعه .فلما علم سليمان بالحكم ،قال: الحكم أن تبقى الغنم مع صاحب الزرع ينتفع بلبنها وصوفها ،ويكلَّف صاحبُ الغنم بأن يحرث الأرض ويزرعها حتى إذا استوى الزرع سلّمه إلى صاحبه واسترد غنمه .وكان هذا الحكم هو الصواب .ولما علم داود بالحكم استحسنه وأمضاه .
وسخّرنا الجبال والطير لداود يسبِّحن معه بتسبيحٍ لا يسمعه البشرَ ،وكنا فاعلين ذلك بقدرتنا .وهذا التسبيح لا نفهمه نحن .وفي سورة الإسراء الآية 45:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} فعلماؤنا الأقدمون كانوا يقولون إن هذا التسبيح مَجازي ،وذلك لعدم معرفتهم .وكيف يكون مجازياً ،واللهُ تعالى في عدد من الآيات يحدّثنا عن تسبيح الكون والذرّات وكل شيء للخالق العظيم !!
يقول الدكتور عماد الدين خليل في مجلة العربي العدد 259 رجب 1400 حزيران 1980 .
« وإننا لنقف هنا خاشعين أمام واحد من جوانب الإعجاز القرآني ،تلك المجموعة من الآيات الكريمة التي تحدثنا عن تسبيح الكون والذرات للخالق العظيم ،من سورة الحشر والصف والإسراء ....إن التسبيح ها هنا لا يقتصر على كون الذرات والأجسام الفضائية تخضع للنواميس التي وضعها الله فيها ،فهي تسبّح بحمد الله سبحانه ،فهنالك
ما هو أبعد من هذا وأقرب إلى مفهوم التسبيح الحي أو التقديس الواعي .إن هذه الأشياء المادية تملك أرواحا ،وهي تمارس تسبيحها وتقديسها بالروح وربما بالوعي الذي
لا نستطيع استيعاب ماهيته .وإن هذا ليقودنا إلى مقولة ( اوينقتون ): ان مادّة العالم هذه مادة عقلية ،كما يقودنا إلى الآية الكريمة{ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ....} .