البحيرة: الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن آخرُها ذكَر ،شقّوا أُذنها وخلّوا سبيلها فلا تُركب ولا تُحمّل .
السائبة: كان الرجل يقول إذا شُفيت من مرضي فناقتي سائبة ،ويجعلها مثل البحيرة .
الوصيلة: إذا ولدت الشاة أنثى فهي لهم ،وإذا ولدت ذكرا فهو لآلهتهم ،وإذا ولدت توءماً ذكرا وأنثى قالوا: وصلتْ أخاها فلا يُذبح الذكر .الحامي: كان من عادتهم إذا نَتُج من صلب الفحل عشرة أبطن حرّموا ظهره ،ولم يمنعوه من ماءٍ ولا مرعى وقالوا حَمى ظَهْرَه .
بعد أن نهى الله تعالى في الآية السابقة عن السؤال عما لا لزوم له من الأمور ،ناسَبَ أن يبيَن هنا ضلال أهل الجاهلية وخرافاتهم فيما حرموه على أنفسهم ،فقال:{مَا جَعَلَ الله مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} بالمعنى المشروح أعلاه .فهذه الأمور كلها من بدع الجاهلية ،{ولكن الذين كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ على الله الكذب} ،أي يضعون من عندهم تقاليد وعادات ،ينسبونها إلى الله كذبا وزوراً .
قال ابن الكَلْبي في كتاب «الأصنام »: «كان أول من غيّر دين إسماعيل عليه السلام ،فنصب الأوثان وسيّب السائبة ،ووصَل الوصيلة ،وبحرَ البحيرة ،وحمى الحامي ،عمرو بن لِحْي الخُزاعي .فقد مرض مرضاً شديدا فقيل له إن بالبلقاء من الشام حَمّةً إنْ أتيتهَا بَرِئتَ .فأتاها ،فاستحمّ بها فبرئ .ووجد أهلَها يعبُدون الأصنام ،فقال: ما هذه ؟فقالوا نستقي بها المطر ونستنصر بها على العدو .فسألهم أن يعطوه منها ،ففعلوا ،فقدم بها مكّة ونصَبَها حول الكعبة .
وقد روى ابن جرير عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون الخُزاعي: «يا أكثم ،رأيت عمرو بن لِحْي يجر قُصْبَهُ- يعني أمعاءه- في النار ،فما رأيتُ من رجلٍ أشبه برجُل منك به ،ولا به منك .فقال أكثم: أيضرني شَبَهُه يا نبي الله .قال: لا ،لأنك مؤمن وهو كافر ،وإنه أول من غيّر دينَ إسماعيل ،ونصب الأوثان وسيّب السوائب ،فيهم » أي في أهل الجاهلية .