{فَتَوكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ 79 إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ولَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا ولَّوْا مُدْبِرِينَ 80 ومَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إلاّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ 81} [ 7981]
في الآيات تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية ،حيث تأمره بجعل اعتماده على الله تعالى ،وتطمئنه بأنه على الحق الواضح ،وتسلية مقررة أنه ليس من شأنه ولا في إمكانه إسماع الموتى والصمّ وهداية العمي ورجعهم عن ضلالتهم ،وأن كل مهمته وما في إمكانه أن يسمع الراغبين في الحق والهدى .فهم الذين يؤمنون بآيات الله وأسلموا أنفسهم إليه واستعدوا لتصديق كل ما يأتيهم من الله تعالى .
والمتبادر أن الآيات جاءت معقبة على الفصول التي سبقتها بعد انتهاء سلسلة القصص والتي حكى فيها حجاج الكفار وعنادهم ،فهي من هذه الناحية استمرار للسياق ومتصلة به ،وفيها قرينة على أن الآيات التي قبلها مباشرة متصلة بالسياق ومواقف الكفار الجدلية أيضا .
وقد تكرر مثل هذه التسلية والتطمين في مناسبات مماثلة كثيرة مرت أمثلة عديدة منها .
وكلمات الموتى والصمّ والعمي في الآيات استعيرت لوصف الكفار على ما هو المتبادر بسبب ما يبدو منهم من مكابرة وتصامم وتعام عن الحق والهدى ،والتشبيه قوي لاذع .
هذا ،والآيات وإن كانت نزلت في صدد مواقف الحجاج مع الكفار وظروف السيرة النبوية فإن فيها تلقينا مستمرّا في ما احتوته من تثبيت من يكون على الحق الواضح ،ودعوته إلى عدم المبالاة بالمشاكسة والمعاندة والمكابرة التي تبدو من سيئي النية وخبثاء الطوية وإلى عدم الجهد والاهتمام بهذه الطبقة حينما تبدو على حقيقتها لأنها تكون قد غلّبت الهوى على الحق والحقيقة ،ثم فيما احتوته من إشارة وثناء على من يستجيب إلى الحق ويسلم به وينضوي إليه ومن تقريع واستنكار لمن يقف منه موقف المكابرة والعناد .
ونقول في صدد الوصف الذي وصف به الكفار هنا ما قلناه وفي سياق الآية العاشرة من سورة يس وغيرها من أنه تسجيل لواقع أمرهم حين نزول الآيات بدليل أن كثيرا منهم سمع وآمن واهتدى في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .