{وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون}: في الآية الأولى إشارة تبكيتية إلى عقيدة من عقائد المشركين ،وهي زعمهم بوجود نسب بين الله والجنة .ورد تكذيبي عليهم في صورة تقرير كون الجنة يعلمون أن قائلي هذا الزعم محضرون إلى عذاب الله يوم القيامة ،واحتوت الآية الثانية تعقيبا تنزيهيا عما يصفه المشركون ويزعمونه .
والمتبادر أن الآيتين غير منفصلتين عن السياق ،وقد جاءت تحكي عقيدة أخرى من عقائد المشركين بالإضافة إلى ما ذكرته الآيات السابقة عنهم ،تعليق على جملة{وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا} .
ولقد تعددت الأقوال والروايات في مفهوم ومدى العقيدة التي حكتها الآية الأولى فمنها أن كلمة{الجنة} تعني الملائكة لأنهم مغيبون لا يرون ،وأن الآية بسبيل التنديد بعقيدة المشركين بأن الملائكة بنات الله .ومنها: أن الجنة قبيل من الملائكة الذي منه إبليس .ومنها: أنها تعني عقيدة إشراك الجن مع الله وعبادتهم .وهي ما ذكرت في آية سورة الأنعام [ 100] السابقة .ومنها أن الله أصهر إلى الجن فكان الملائكة نتاج ذلك .
ونحن نستبعد أن يكون المقصود أحد القولين الأولين ونرى القولين الأخيرين أوجه بل ونرى أن مضمون الآية يجعل الرجحان للقول الأخير منهما وقد ذهب إلى ذلك الزمخشري وأبو السعود وابن كثير في تفسيرهم للآية .ونص الرواية التي أوردها الأخير، قال مجاهد: قال المشركون: الملائكة بنات الله ،فقال أبو بكر: فمن أمهاتهن ؟قالوا: بنات سروات الجن .
وفي هذه العقيدة العربية إذا صحت الروايات التي قد تلهم الآية صحتها طرافة في مجال الخيال الديني .فالجن ناريون والملائكة نورانيون ومصاهرة الله للجن صفت من نارهم نورا فكان منه الملائكة .