{ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم107} .
بين الله تعالى أن من الإثم البالغ والضلال البعيد عبادة ما لا يضر ولا ينفع من جماد وغيره ، ثم يبين سبحانه في هذه الآية أنه هو الذي ينفع ويضر والنفع يشاؤه لعباده والضرر يكتبه عليهم .
{ وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو} . المس إصابة الإحساس بالألم والانزعاج ، وأنه لا كاشف له إلا الله ، أي رافعه ومزيله ، وقد عبر سبحانه عن إزالته بالكشف؛ لأنه يكون كالغمة تصيب النفس وتستولي عليها ولا تنحسر إلا بأمر من الله تعالى . والضمير{ هو} يعود على الله سبحانه وتعالى ذى الجلال والإكرام وهو يجب أن يكون مذكورا في النفس حاضرا في القلب دائما ، فالضمير يعود إلى معلوم في النفوس والقلوب .
ويقول سبحانه:{ وإن يردك بخير فلا راد لفضله} ، وهنا نجد إشارتين بيانيتين:
الإشارة الأولى – التعبير باسم الفاعل في قوله تعالى:{ فلا راد لفضله} وهذا يفيد أنه لا يوجد من يستطيع رده فليس الكلام لمجرد الرد ، بل هو نفى لوجود من يستطيع الرد ويقدر عليه .
والإشارة الثانية – قوله تعالى:{ لفضله} ، فيها إظهار في موضع الإضمار ، ذلك لبيان أنه لفضل من الله ورحمة منه سبحانه وأنه واجب الشكر على هذه النعمة ، وجاء التعبير هنا بقوله تعالى:{ وإن يردك بخير} للإشارة إلى أن الخير مراد لله تعالى مقصود إنزاله بالشخص ، وفي التعبير إبهام ثم بيان للتوكيد قال تعالى:{ وإن يدرك}ثم قال سبحانه:{ بخير} فكان الأخير بيانا لإرادة الله تعالى بالعبد ، ثم قال تعالى:{ يصيب به من يشاء من عباده} أي يصيب بهذا الفضل من تتعلق به مشيئته الله من عباده .
وتتعلق مشيئة الله بمن يسير في طريق الخير كما كتبه الله تعالى فيوصله إلى غايته ، والخير المذكور في الآية هو النفع والهداية والاتجاه إلى الله ورجاء رحمته ، ثم يختم الله تعالى هذه الآية بقوله:{ وهو الغفور الرحيم} أي أن مغفرته تعالى وقبوله التوبة هو الخير الذي يشاؤه لعباده ، ومغفرته من رحمته ؛ لأنه سبحانه يريد لهم الخير برحمته وفضله ، والشيطان يسول لهم الشر ، فالذين مكنوا الشيطان من نفوسهم حرموا من الخير ، ومن أبعدوا وساوسه فقد اتجهوا إلى الله ، وكل شيء بعلمه وتقديره سبحانه ، كل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال .
وقد أوضح الله الحق وبينه فقال تعالى: