{ فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه} ، أي أنه بمقتضى الحكم الذي قرروه أن يكون أخوه حبيسا رقيقا عند العزيز ومن معه ، وذلك مبتغي يوسف ، لأنه يريد أن يحتجز أخاه عنده مكرما غير مهين ، وتم له بذلك ما أراد . وذلك بتدبير الله تعالى ، ولذلك قال تعالى:{ كذلك كدنا ليوسف} أي كدنا ليوسف هذا التدبير ، أي دبرنا ليوسف مثل ذلك التدبير{ ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله} ودين الملك سلطانه وقدرته ، وقوله تعالى:{ ما كان ليأخذ أخاه} نفي للشأن:ما كان من شأنه أن يأخذ أخاه عدلا في سلطان الملك إلا إن يشاء الله بأن جري على ألسنتهم ذلك الحكم ، وهو أن يكون جزاء صواع الملك رق أخيه .
ويبين الله تعالى عدالته في الناس{ نرفع درجات من نشاء} أي نرفع درجات ومنازل في العلو من نشاء ، وقد رفعنا يوسف فوق إخوته ، حتى احتاجوا إليه ، ومدوا أيديهم طالبين منه الميرة والعون ، وأعطيناه الملك والعزة والحلم وتدبير شئون الدولة ، حتى صارت تمد غيرها ،{ وفوق كل ذي علم عليم} وما من علم بتدبير الأمور إلا فوقه علم الله تعالى وهو فوق كل علم ، وقد أحاط بكل شيء علما .
الرجاء واليأس والماضي