نادوه بالمنصب مهابة وإجلالا ، وتقربا ، وذكروا حالهم ، وهو أنه له أبا شيخا كبيرا قد تعلق به ، وإن أي واحد منهم قابل لأن يكون في الرق مكانه ، ولكن يوسف عليه السلام لا يريد أحدا غيره ؛ لأنه حبيبه في باطن الأمر وفي ظاهره هو السارق ، ويتخذ من الظاهر ذريعة إلى تحقيق الباطن ، فباسم الظاهر يقول لإخوته:لا نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده ، فلا نأخذ غيره بجريرته ، إنا إذا لظالمون ، أي إنا معشر الحاكمين نكون إذن ظالمين ، إذا أخذنا مكان الجاني غيره ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وكل امرئ بما كسب رهين ، وقد أكد الحكم بالظلم على من يأخذ بدل الجاني .
ويلاحظ هنا أمران:
الأمر الأول:أن ينبوع الشفقة على أبيهم أخذ ينبع من قلوبهم ، فقبلوا أن يكون أحدهم في الرق بدل أخيهم المحسود ، رفقا بأبيهم ، وللعهد الذي أخذ عليهم .
الأمر الثاني:أنهم نادوا يوسف بأنه العزيز ، ويستفاد من الكلام أنه آل إليه أمر مصر ، ويؤيد هذا أن أخبر الله بعد أنه استولى على العرش .
يئس الإخوة من أن يرجعوا بأخيهم إلى أبيهم ، وقد صاروا في حيرة من أمرهم ، ودفعتهم الحيرة إلى أن تعود قلبوهم إلى ما كانت عليه ، ولذا قال تعالى عنهم: