{ فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا} ، أي انفردوا متناجين ، ونجيا مصدر ، والمصدر يستعمل في معنى الجمع ، وفي تناجيهم قال كبيرهم:{ ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله} الاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الوقوع ، ونفي النفي إثبات ، والمعنى أنه عنفهم في قوة قائلا لقد علمتم أن أباكم أخذ عليكم عهدا موثقا بإيمان الله ،{ ومن قبل ما فرطتم في يوسف} ،أي من قبل إذ فرطتم في يوسف ، وألقيتموه في غيابة الجب ، وهذا الكلام يدل على أن أخاهم الأكبر لم يكن راضيا عن فعلتهم مع يوسف ، ويؤكد صدق الرواية التي تقول:إنه كان غائبا ، إذ فعلوا فعلتهم مع يوسف ، وأنه حاول أن يستعيده ويخرجه من الجب ، ولكن السيارة كانوا قد أخذوه .
أبدى الكبير العهد ، وأبدى استنكاره لتفريطهم في يوسف ، وعبر عن فعلهم بأنه تفريط في حق الأخوة ، واستهانة بالواجب نحوها ، سيرا في طريق الحقد ، والغي ،{ فلن أبرح الأرض} ، أي مصر ،{ حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين} .
ولكن كما أشرنا انبعث فيهم ما كان قد اختفى من نفوسهم الحاسدة ، فقالوا في نجواهم: