حال المؤمنين
قال الله تعالى:
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا 107 خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 108 قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا 109 قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا 110}
ذكر سبحانه وتعالى حال الكافرين يوم القيامة وكيف كان ضلالهم في الدنيا مرديا لهم ، وأوداهم في نار جهنم ، وذكر من بعد حال المؤمنين الذين صلحوا في أنفسهم فآمنوا وعملوا الصالحات فنالوا جزاءهم في الآخرة ، ذكر الموصول للإشارة إلى أن الصلة هي السبب في الجزاء ، فالإيمان والعمل الصالح هما سبب الجزاء العظيم ، إذ الإيمان لتطهير القلب وعزيمة النفس ، والبعد عن كل أدران الشرك ، والعمل الصالح يتضمن القيام بكل ما أمر الله به ، والانتهاء عن كل ما نهى الله تعالى عنه ، لا فرق بين صغيرة وكبيرة إلا اللمم ، فإن الله تعالى يغفره رحمة بعباده ، ويتضمن أيضا القيام بكل عمل صالح فيه نفع للإنسان ، ويتضمن الفضائل الإنسانية التي يكمل بها الإنسان .
والجزاء ذكره تعالى يقول:{ كانت لهم جنات الفردوس نزلا} ، اللام للاختصاص ، أي أنهم مختصون بها ، وهي لهم كما لمالك في مالك وذلك يدل على تأكيد الجزاء ، و{ الفردوس} لفظ غير عربي يراد به الحدائق الغنّاء ، وفردوس الجنة أعلاها مكانا ، وأوسطها شأنا ، وجمعها للدلالة على كثرة فضلها ، وتنوع خيرها وتعدده ، و{ نزلا} ، أي إقامة ثابتة ينزلون فيها راضين بطيب الإقامة وهدوء المثوى .