أحس موسى – كليم الله تعالى – بشدة اللوم ، وأحس بأنه كان منه ما أوجبه ، ولذا قال في حال تشبه الاعتذار:
{ قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا 76} .
اعتزم موسى عليه السلام ألا يسأله عن شيء بعد هذه المسألة ، وفي الواقع إن ما كان منه اعتراض وليس بسؤال ، لأن السؤال استفسار ، وليس فيه حكم على الفعل بأنه خير أو شر ، أو بأنه موضع ملام أم ليس بموضع ، وكلام موسى عليه السلام كان يحمل معنى اللوم لا الاستفسار ولكنه سماه سؤالا ؛ لأنه أمره بالصبر وخالفه ، وتأدبا معه في القول فأراد أن يحمل كلامه على أنه استفسار ، وليس باعتراض ، وقوله تعالى:{ بعدها} الضمير يعود إلى مفهوم القول ، وهو المنكرة التي أنكرها على العبد الصالح ، إذ رماها بأنها نكر تستنكره العقول والأفهام ، وفي هذا ترشيح للاعتذار عن العبد الصالح ، وتمهيد لقوله تعالى:{ قد بلغت من لدني عذرا} ، أي فقد كان بلغت عذرا في لومك لي ، والمعنى أعذرت لنفسك عندي ، و{ لدني} يعني عندي ، ولا تكون إلا للعندية في أمر خطير ، وأكثر ما تكون للعندية عند الله تعالى كقوله تعالى:{. . .من لدن حكيم خبير 1} ( هود ) .