ولقد أنهى بعدها الصحبة العبد الصالح ، فقال:
{ قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا 78} .
الإشارة إلى الأمر الأخير ، وهو قوله:{ لو شئت لاتخذت عليه أجرا} ، أي أنه ترك الأجر لقوم غير كرام ، بل هم لئام وذلك يدل على أن مغبة عدم الأجر ترجع إليه لأنه لم يشأ أن يطلبه .
كأنه بهذا يشير إلى أن كثرة المجاوبات وعدم الصبر هو الذي كان سبب الفراق بيني وبينك ، أي أن هذا وهو الحد الفاصل بيننا ، ويصح أن تكون الإشارة ، إلى النهي عن المصاحبة ، إذا سأله فقد قال موسى:{ إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} .
ومهما يكن ما يشير إليه اسم الإشارة ، فالمعنى أن ذلك هو الحد الفاصل الذي فرق بينهما في هذه الصحبة ، فهو إيذان بانتهاء المصاحبة التي كان منها ذلك التعليم مما علمه الله تعالى .
وبعد أن أنهى المكالمات بينهما ، أخبره بسبب ما فعل ، أو الغاية والمآل من فعل فقال:{ سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا} ، الإنباء:الإخبار بالأخبار الخطيرة والتأويل معناه معرفة المآل ، والسين للإخبار المؤكد في المستقبل ، وقوله تعالى:{ ما لم تستطع عليه صبرا} قدم{ عليه} على{ صبر} ، لأن ذلك أدعى للاهتمام .