{ فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما 81}
يتكلم بلغة المتكلم ومعه غيره ، وهذا يسير إلى أن الله معه فهي ليست إرادته وحده إنما هي إرادته الله سبحانه تعالى ، وهو لها منفذ ، فلم يجعلها له وحده ، لأنها ليست إرادته وحده ، ولم يجعلها لله تعالى ، لأنه لم يجد من الأدب أن ينسب القتل لله تعالى .
وهنا يسأل سائل:لماذا قال في السفينة{ فأرادت أن أعيبها} ولم يقل بلسان المتكلم ومعه غيره ، لأن خرق السفينة ليس في حق القتل فصح أن ينسبه لنفسه ، وإن كان بأمر الله ، أما القتل فأشار إلى أنه بأمر الله تعالى لخطورته ، وأسند التبديل إلى الله ، لأنه لا يكون إلا منه ، ( الفاء ) هنا تفيد السببية الظاهرة ، أي أنه بسبب ما يخشاه منه من الكفر والطغيان كانت إرادة التبديل ، وقوله تعالى:{ أن يبدلهما ربهما خيرا منه} ، أي أن يجعل بدلا منه يحل محله خيرا منه زكاة ، أي طاهرا ناميا ، وأقرب رحما ، الرحم بضم الراء تطلق ويراد منها الرحمة ، وتطلق ويراد منها الرحم ، وعلى أول يكون المعنى خيرا منه طهارة ، وأقرب رحمة ، أي أدنى إلى الرحمة والبر من هذا الذي يرهقهما طغيانا وكفرا ، وعلى الثاني أقرب رحما ، أي أوصل لرحمه ، وأحفظ لحق الأبوة ، فيكون منه الطهارة والبر بهما ، فلا يكون كفر وشرك ، ولا طغيان عليهما ، ويكون قد دبر لهما الله بالولد الذي لا يرجى منه خير من يرجى خيره وبره وصلته الرحم ، ويلاحظ أن الأوصل رحما لا يكون بره لأبويه فقط ، بل يكون لأسرته كلها لهما ، ولمن يتفرغ منهما أو من أجدادهما .