وإن منشأ الضلالة هو الغرور بهذه الحياة والطمع ، وقد صور سبحانه وتعالى هذا الغرور في قوله:
{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا 77 أطّلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا78} .
إن المشركين مغرورون بالدنيا غرتهم بغرورها ، وحسبوا أنها لا حياة بعدها ، وقدروا لأنفسهم مقاديرها فهم يستمتعون بحاضرهم ، ويحسبون أن قابلهم من جنس حاضرهم بل ذهب بهم فرط غرورهم إلى أن حسبوا أن البعث إن كان يكونون فيه الأعلين كما هم في الدنيا .
وقوله تعالى:{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا 77} ، "الفاء"للترتيب والتعقيب ، وهي تصور كيف يمد للكافر حتى يصيبه الغرور ، وهي مؤخرة عن تقديم وتقدير القول:فأريت ، ولكن الاستفهام له الصدارة فقدم على الفاء ، والاستفهام للإنكار ، إنكار الواقع ، وهو بمعنى التنديد لمن كانت حاله كذلك في غروره ، وقوله تعالى:{ الذي كفر بآياتنا} ، أي جحدها وأنكر دلالتها على وحدانية الواحد الأحد الفرد الصمد ، وهذا من الاستنكار الذي أفاده الاستفهام ، وقال مقسما قسما هو حانث فيه{ لأوتينّ مالا وولدا} ، و"اللام"لام القسم الواقعة في جوابه ، ولذا كان التوكيد بنون التوكيد الثقيلة ، وما كان له أن يحلف تلك اليمين الفاجرة الآثمة بأن سيكون له مال وولد ، وقال في قسمه الحانث{ لأتينّ} ، أي أنه بإرادته وقدرته الواهمة سيكون له مال قد اتخذه وأخذه لنفسه