قال تعالى:{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة} . وقد ذكر الإيمان في تأويل بعض الآي الكريمة التي تلوناها آنفا ، ومقام العمل الصالح ، وقلنا إن الإيمان والإذعان للحق بالإيمان بالله وحده ، ورسوله محمد الأمين والرسل أجمعين ، والملائكة والجن والغيب كله . وإن الإيمان يستكين في القلب ، والعمل ينميه ويزكيه ، وقلنا:إن الإيمان كالبذر الطيب الذي يلقى في الأرض لا بد له من سقي ورعي وجو صالح ينمو فيه ويزكو ، ولا يكون ذلك إلا بالعمل بموجب الإيمان ، والإيمان من غير عمل كالبذر من غير إنتاج ، وإنه يجف بل يموت إن لم يسق بالعمل ، ولذلك لا يؤكد القرآن على الإيمان وحده بل يكون معه العمل الصالح ، وهو العمل الذي يكون صالحا مصلحا للنفس وللناس ، فيه استجابة لداعي الإيمان وكثيرا ما ذكر العمل بوصف الصالح من غير أن نبين ما هو العمل الصالح ، وذلك ليضمن كل ما فيه خير للإنسان في الآحاد ، والجماعات والأقاليم والإنسانية كلها ، وذلك مع القيام بالعبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة ، وتعاون اجتماعي في الأسرة والجماعة والدولة ، والإنسانية عامة .
وقد قال تعالى:{ أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ( 82 )} . الإشارة إلى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي أنهم متصفون بهذه الصفات ، وقد أكد سبحانه وتعالى استحقاقهم للجنة وأنهم خالدون فيها بعدة مؤكدات:
أولها – الجملة الاسمية لأنها تدل على قوة الحكم ، وبقائه .
وثانيها – بالملازمة بينهم وبين الجنة بأنهم أصحابها الملازمون . وأكد سبحانه وتعالى الخلود بضمير الفصل الذي يدل على القصر ، والله سبحانه وتعالى يجزي الإحسان بإحسان ، وجزاء سيئة سيئة مثلها .
اللهم اجعلنا ممن ترضى عنهم ، وإن كنا لا نرجو أن نكون أحسنا ، حتى ننال جزاء الإحسان ، ولكن نرجو أن تتغمدنا برحمتك الواسعة التي تسع الذين يؤمنون ويتقون .