{ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} .
{ يوم} هذه متعلقة ب{ الفزع الأكبر} ، فهو ظرف مبين لنوع الفزع الأكبر ، وما يكون فيه من أهوال هائلة إذ تطوى السماء كطي السجل للكتب ، ويصح أن تنول إن{ يوم} متعلق بقوله تعالى:{ توعدون} وأميل إلى الأول ، لأنه مناسب للفزع الأكبر ، والطي معناه درج المكتوب ، ويتضمن إخفاءه وطمسه أو التعمية أو محوه ، والمعنى أن السماء بكواكبها ونجومها تطوي فتنكدر كواكبها وشموسها ونجومها ، كما قال تعالى:{ إذا الشمس كورت 1 وإذا النجوم انكدرت 2} ( التكوير ) ، وكما قال تعالى:{ إذا السماء انفطرت 1 وإذا الكواكب انتثرت 2 وإذا البحار فجّرت 3 وإذا القبور بعثرت 4 علمت نفس ما قدمت وأخرت 5} ( الانفطار ) ، وكما قال تعالى:{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه . . . 67} ( الزمر ) و{ السّجلّ} هو الصك ، وأصلها من السجل ، وهو الدلو ويقال:ساجل الرجلُ الرجلَ إذا نزع كل واحد دلوا في نظير دلو الآخر ، ثم استعير للمكاتبات ، وقال تعالى بعد بيان زوال الأرض والسماء في يوم الفزع الأكبر{ كما بدأنا أول خلق نعيده} أي أننا نطوي السماء ونزلزل الأرض لتغيير الكون ، وذلك بالإنشاء أولا ، ثم الإزالة ، ثم الإعادة كشأننا في بدئنا الخلق ثم إعادته ، وهذه العبارة تحمل في نفسها دليل صدقها ، وذلك أن من كان قادرا على الابتداء للخلق قادر على إعادته ، كما قال:{. . . .كما بدأكم تعودون 29 فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة . . . 30} ( الأعراف ) .{ وعدا علينا} منصوب{ وعدا} على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف ، والمعنى وعدناه وعدا علينا ، وأكده سبحانه بهذا المصدر ، وبأنه سبحانه وتعالى ألزم به نفسه وأنه صار حقا عليه ، والله عز وجل لا يخلف الميعاد ، فلا يمكن أن يخلف وعده ، وأكد الوعد مرة أخرى بأنه ينقله من الوعد إلى الفعل ، فقال:{ إنا كنا فاعلين} أي فاعلون الإعادة حتما ، لأنه سبحانه لم يخلق الإنسان عبثا ، كما قال سبحانه:{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون 115} ( المؤمنون ) وقد أكد سبحانه الإعادة ب( إنّ ) ونسبة الفعل إليه ، وهو العزيز الحكيم ، وأكده بالجملة الاسمية ، وبالتعبير باسم الفاعل ، وهو على كل شيء قدير .