{ إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين} .
اسم الإشارة يشير إلى هذا الخبر الكريم الذي أخبر به الحكيم العليم ، وأن العاقبة للصالحين ، والبلاغ يطلق بمعنى المنتهى والكفاية ، ويطلق بمعنى التبليغ ، وعلى أن الإشارة إلى الخبر في الآية السابقة ، يكون معنى البلاغ هو التبليغ أي أن هذه تبليغ للعابدين الذين امتلأت قلوبهم بعبادة الله تعالى ، وصارت العبادة وصفا ملازما لهم لا يفارقونه ، وصارت قلوبهم خاضعة وألسنتهم تترطب دائما بذكره .
ويصح أن تكون الإشارة إلى ما ذكر في السورة من قصص النبيين ، ومواعظ وتوجيهات إلى الكون وأسراره ، ويكون معنى "بلاغ' منتهى وكفاية يدركها العابدون ، ويفهم لبها العاكفون على عبادته سبحانه .
وإني أميل إلى التخريج الأول ، لأن الإشارة بقوله تعالى:{ إن في هذا} إشارة إلى القريب ، ولو كانت إلى المذكور في السورة كلها من قوله تعالى:{ اقترب للناس . . . 1} ( الأنبياء ) إلى هذه الآية ، فقال عز من قائل:{ إن في هذا} وكلام الله تعالى المثل الأعلى ، وليس لنا أن نتطاول على مقام كتابه المعجز ، الحكيم الخالد .