{ فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} .
{ فإن تولوا} أي أعرضوا عن دعوة الحق ولم يجيبوا داعي الإسلام والإذعان وإخلاص وجوههم لله تعالى وحده ، والفاء الأولى فاء الإفصاح عن شرط مقدر ، ونسق القول:إن دعوتهم فإن تولوا . . . .إلى آخره ، والفاء الثانية في قوله تعالى:{ فقل} واقعة في جواب الشرط لأن بعدها طلبا هو الأمر .
و{ آذنتكم} أي أعلمتكم وبينت لكم الحق ، وأنكم ستبعثون وتحاسبون على سواء ، أي على تسوية بين الضال والمهدي ، أي كلا محاسب ومبعوث لهذا الحساب .
{ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} إن هنا نافية ، والمعنى ما أدري أقريب أم بعيد اليوم الذي وعدتم ، وهو يوم البعث ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يوحى إليه القرآن الكريم وحديثه ، لا يعلم متى تكون الساعة ، وقد قال تعالى:{ يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي . . . 187} ( الأعراف ) فقد خفي علمها عن كل البشر ولو كان خير البشر ، واختص الله وحده بعلم الساعة ، كما قال تعالى:{ إن الله عنده علم الساعة . . . 34} ( لقمان ) .
وإن هذا فيه إنذار لمن أعرضوا ، وكان من الترفق بهم في القول ، أن ذكر أنهم ومن هداهم الله على سواء فيما يتعلق بالإعلام بالبعث والحساب ، وإن اختلف الجزاء .