{ ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين} .
"الواو"عاطفة والمعنى وسخرنا له من الشياطين{ من يغوصون له ، أي أن الله تعالى كما سخر الرياح العاصفة فتجري بأمره رخاء حيث أصاب ، كذلك سخر له من الشياطين من يغوصون له ، أي يغوصون في أعماق البحر ليستخرجوا منها اللآلئ والأحجار الكريمة والعنبر وغيرها من منافع الماء ، وقد أعطى الله سليمان ملك اليمن التي تمتلئ بحارها باللآلئ وثروات البحر ، فكانت الشياطين تغوص فيها ، وتخرجها له ، وسيجيء ذلك في سورة النمل إن شاء الله تعالى . وقوله تعالى:{ يغوصون له} أي يغوصون لأجله وبأمره ومنافع غوصهم له ،{ ويعملون عملا دون ذلك} ، أي غير ذلك ، وليس المعنى أقل من ذلك بل كلا العلمين فيه خير ، ولذا قال تعالى:{ والشياطين كل بناء وغواص ، وآخرين مقرنين في الأصفاد 38} "ص"وقال تعالى:{ يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب . . . 13} ( سبأ ) .
{ وكنا لهم حافظين} أي كنا لهم حافظين مما في جوف البحر ، ومؤيدين لأعمالهم ونحب أن نقول:إن الشياطين هنا لا نعتقد أنهم إخوان إبليس أو من ذريته ، لأن إبليس وذريته متمردون على ربهم فكيف لا يتمردون على سليمان ، إنما هم من خلق طائعين ، وكانوا مؤيدين من الله ، وهو حافظ لهم .
ولو اعتقد بعض الناس أنهم من الشياطين الإنس الذين كانوا من شطار الأرض سخرهم الله لسليمان وهو بعيد ، والله أعلم .