{ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( 183 )} .
الأموال من حيث تقديرها تنقسم إلى قسمين:أموال مثلية وحداتها متحدة في القيمة إذا توافر اتحاد الجنس والنوع والصفة في جودة أو رداءة ، وهذه تقدر بالكيل أو الوزن ، وقد نهى سبحانه على لسان نبيه شعيب عليه السلام من التطفيف فيها .
والقسم الثاني أموال قيمية لا يحد قيمتها الكيل والوزن ، ولكن يحد قيمتها تقويم المقومين ، وهنا يجري فيها البخس والشطط ، ولقد نهى سبحانه في هذا النص عن البخس بأن تقوم بأقل من قيمتها ، وكل نقص في القيمة هو نقص في المالية فيكون فيه الظلم ، وأكل أموال الناس ، ولذا قال الله تعالى على لسان شعيب .
{ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ} .
أي لا تنقصوا قيمة ما عند الناس ، والمعنى الظاهر لا تبخسوا أشياء الناس ، ولكن عبر ذلك التعبير القرآني السامي العميق لفائدتين جليلتينأولاهاأن بخس قيم الأشياء بخس للناس أنفسهم ، فمن بخس تقدير القيم ، فقد ظلم ، وأعظم الجريمة . الفائدة الثانيةأن في ذلك إبهاما ثم بيانا ، فيكون ذلك توكيدا للمعنى فضل توكيد .
وبعد أن نهى عن تطفيف الكيل والميزان ، وبخس قيم الأشياء . نهى عن الاعتداء بشكل عام ، فقال عز من قائل:
{ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} .
وذلك يشمل إفساد زرع غيره ، أو منع الماء عنه ، أو إتلافه ، أو ألا يعطيه حقه من الماء ، أو ما يجري بين المختلطين من مساحة ، والعثي أو العثو ، الفساد النفسي أو المادي ، ونميل إلى العثي النفسي ، والمعنى القصد إلى العثو مفسدين حال مؤكدة لمعنى العثو ، لأن العثو يؤدي إلى الفساد في الجماعة ، فيتقاطعون ، ويتدابرون .