ويلاحظ ان النص القرآني لم ينف فقط الظلم عن الله سبحانه ، بل نفى عنه إرادة الظلم ، فهو امر لا يليق بذاته ، ولا يتصور وقوعه منه . وإنه سبحانه وتعالى مالك كل شيء ، فهو مانح الحقوق ومعطيها{ وخلق كل شيء فقدره تقديرا2}[ الفرقان] ولذا قال سبحانه بعد ان نفى عن نفسه إرادة الظلم:
{ ولله ما في السموات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور}كل ما في السموات من أفلاك وأجرام ونجوم وكواكب وأبراج وعوالم لا يحصيها إلا خالقها هو لله تعالى ، أبدعها على غير مثال سبق ، وأنشأها بإرادته ، ونظم مسالكها وما يربطها بحكمته ، وكل ما في الأرض من سهل وجبل ، وصحراء وماء ، وأقاليم مختلفة ،ومزارع وأغراس تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ، وكل ما يحتويه باطنها من معادن سائلة ، وفلزات متماسكة ، وأحجار تبهر الأنظار ، ملك لله تعالى أبدعه وأنشأه ، وإذا كان هو المبدع المنشئ لكل ذلك ، وهو الذي وضع لكل شيء نظامه المحكم ، وسيره المنظم ، فإنه لا يتصور منه سبحانه ان ينقص شيئا او حقا ، او يضع أمرا في غير موضعه ، فهو خالق النظم ، وخالق الأوضاع ، والمسيطر على كل شيء .
وكما ان المبدأ منه فالعود إليه سبحانه ، ولذا قال سبحانه:{ وإلى الله ترجع الأمور} فكل امر ونظام مرد بقائه وإنهائه إليه ، كما كان إبداعه وإنشاؤه منه ؛ وكل تصرفات الناس راجعة إليه يوم القيامة ، وهم محاسبون عليها ، إن خيرا فخير ، وغن شرا فشر ، فهو مالك الميزان والقسطاس المستقيم في الدنيا وفي الآخرة .