{ فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم}
/م102
أي إذا أديتم الصلاة على حال الخوف ، فإن العبادة لم تنته ، بل إن معناها قائم مطلوب منكم ، وهو أن تذكروا الله تعالى في كل أحوالكم قائمين في الميدان أو غادين ورائحين صلى الله عليه وسلم أو قاعدين مستريحين ، أو نائمين على جنوبكم ، فإن ذكر الله تعالى هو العبادة المستمرة التي بها تطمئن القلوب ، كما قال تعالى:{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب( 28 )}( الرعد ) .
وإن التعبير عن صلاة الخوف بقوله:{ فإذا قضيتم}في مقابل قوله تعالى عند الاطمئنان:{ فأقيموا الصلاة}فيه إشارة إلى أنها بدل عن الصلاة الكاملة تؤدي معناها ، وإن لم تكن مثلها في الصورة الظاهرة .
{ فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}أي إذا ذهب الخوف ، وعادت القضب إلى أجفانها{[795]} ، ورجعتم إلى مساكنكم ، فأقيموا الصلاة أي أدوها كاملة ، مستقبلين القبلة موصولة من غير فاصل بين أجزائها . والكمال هنا كمال الصورة ، وإلا فالمعنى يتحقق في صلاة الخوف بمقدار لا يقل عن كماله في الإقامة ، إذ إنها عبادة في عبادة ، هي عبادة الصلاة في عبادة الجهاد ، وهو أشق عبادة ، ولا شاغل قد يشغل المصلي عن صلاته إلا هذه العبادة العالية ، وفي الإقامة قد تشغله بعض أعراض الدنيا . وقد بين سبحانه مكان الصلاة في الإسلام فقال سبحانه:"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} ، أي الصلاة مكتوبة على المؤمنين مؤقتة بأوقاتها ، وهذا تأكيد لفرضيتها ، وقد أكدت الفرضية بأربعة مؤكدات:أولها"إن"التي للتوكيد . وثانيها"كانت"التي تدل على الدوام والاستمرار في الماضي والمستقبل ، وثالثها التعبير عن فرضية الصلاة بأنها ( كتاب )فهو تعبير عن الوصف بالمصدر ، وفيه فضل توكيد ، ورابعها التعبير بقوله تعالى:{ على المؤمنين}فإن ذلك يفيد الإلزام والحتمية . اللهم وفقنا لإقامة الصلاة ، وإقامة الحق والعمل على إعلاء شأن الإسلام إنك سميع الدعاء .