{ واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما}
/م104
الأمر في ظاهره للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو في عمومه لكل أمته ، ولكل قاض يفصل بين الناس ، وطلب الاستغفار دائم يوجهه الله تعالى إلى النبي ، وإلى كل مؤمن تقي ، لأن الاستغفار إنابة ، وعبادة ، وهي مطلوبة . وإذا كانت القصة قد ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم تبادر إلى ذهنه براءة الخائن ، فإن هذا ليس بذنب ولكنه يوجب الاستغفار من الرسول ، فإن علو مقامه يجعل مثل هذه التي لا تعتبر ذنبا من الناس ، موجبة للاستغفار على حد قول العلماء:( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) .
وفوق ذلك فإن طلب الاستغفار مع ما فيه من القنوت والطاعة ، حث كل قاض يفصل بين الناس على الاستغفار في كل قضية وقد بين سبحانه أن هذا الاستغفار الضارع يقبله الله تعالى ، لأنه سبحانه قد ثبت واستقر له أن المغفرة بأقصى درجاتها ، والرحمة بأوسع معانيها صفتان له سبحانه ، وهذا معنى قوله تعالى:{ إن الله كان غفورا رحيما} .
وقد أكد سبحانه اتصافه تعالى بهاتين الصفتين بأربعة مؤكدات:أولها ( إن ) التي تفيد التوكيد وثانيها ( كان ) التي تفيد الاستمرار ، وثالثها صيغة المبالغة في غفور ورحيم ، ورابعها الجملة الإسمية .
اللهم لا تجعلنا في جانب الخائنين والعصاة ، واجعلنا مع الأبرار الأتقياء .