{ من يطع الرسول فقد أطاع الله}
/م79
إن هؤلاء كانوا ينتقصون فضل النبي بنسبة الظفر إلى الله والهزيمة إلى النبي ، وقد بين الله تعالى أنه رسوله ، فإن تنقصتموه فإنما تتنقصون من أرسله ، وإن تمردتم عليه فإنما تتمردون على من أرسله:{ من يطع الرسول} . فيما يأمر به ، وينهى عنه ، وفي دعوته إلى الجهاد ، فإنما يطيع الله تعالى ، لأنه إنما يتكلم عن الله تعالى:{ إن هو إلا وحي يوحى( 4 )علمه شديد القوى( 5 )}( النجم ) وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أحبني فقد أحب الله ، ومن أطاعني فقد أطاع الله"، فقال الذين يشككون في الإسلام من المنافقين:ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل . لقد قارف الشرك ، وهو ينهى أن يعبد غير اللهّ ! ما يريد هذا الرجل إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى ، فنزلت هذه الآية:{ من يطع الرسول}{[769]}وعندي أن الآية لا تحتاج إلى سبب نزول في بيانها لأنها واضحة بينة ، يشهد لمعناها سابقها ولاحقها ، وإن الحديث في ذاته صحيح المعنى ، وروى مسلم مثله عن أبي هريرة ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن يعصني فقد عصى الله ، ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن يعص أميري فقد عصاني"{[770]} ، ومن نال فضل طاعة الله ورسوله ، فقد نال حظ الدنيا والآخرة ، ومن أعرض عن ذلك فعليه تبعة عمله .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد أدى واجبه في التبليغ ، ولذا قال سبحانه وتعالى:
{ ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا} ومن عصى أمرك ولم يطعك ، وأعرض عن الحق الذي أمرك الله تعالى بتبليغه ، فإنه وحده الذي يتحمل تبعة إعراضه عن دين الله ، ولا تبعة عليك ، إنما عليك التبليغ فقط ، وعلى الله تعالى حسابهم يوم الحساب ، فلا تكلف نفسك ما لست مكلفه ، فما أرسلك الله تعالى إلا مبشرا ونذيرا ، وليس عليك أن تحمل الناس على الإيمان ، ثم أنت مكلف بالمحافظة عليهم ومراقبتهم وتتبعهم حتى يكونوا مهتدين:{ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء . . .( 56}( القصص ) ، وما أنت بمهيمن عليهم حتى تحاسبهم على الإيمان إنما الحساب عند الله .
وإن هؤلاء المنافقين يظهرون الطاعة ، ويبطنون المخالفة ، ولذا قال سبحانه:{ ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول} .