( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا ) هذا عمل من أعمال اليهود تذهب بهم بغضاؤهم ، وحقدهم على المؤمنين إلى أن ينضم كثيرون منهم للمشركين ، فالمراد بالذين كفروا أولئك الذين كفروا بالوحدانية ، وبلغوا غاية الكفر وأقصاه ، وذلك يدل عليه التاريخ ، فقد ذهب قوم من اليهود ، وألبوا على النبي صلى الله عليه وسلم المشركين ، ووالوهم ، والتولي الموادة والمناصرة والانضمام إليهم ، وفي كل حرب دخلها النبي صلى الله عليه وسلم كان اليهود مع عهودهم الموثقة مع المؤمنين يوالون المشركين زاعمين أنهم فاتحو المدينة فبنو النضير خانوا العهد وبنو قريظة وبنو قينقاع كذلك .
وفسر بعض العلماء الذين كفروا بالجبابرة من الملوك الكافرين فهم يتولون كل ذي قوة ، ولو كان جبارا عاتيا ، وينسب ذلك الرأي على محمد الباقر ابن علي زين العابدين وفيه غرابة وان كان معناه سليما:
( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) ( بئس ) كما ذكرنا تدل على الذم و ( ما قدمت ) أيديهم هو ما قدموه من عصيان وعدم التناهي عن المنكر ، والاعتداء وتولي المشركين والجبابرة ، وقد أكد سبحانه وتعالى الذم بالقسم واللام ، والتعبير بما قدمت أنفسهم يشمل الفعل والقول والحقد والحسد والمظهر في هذا الذم ينالهم أمران خطيران ، أحدهما سخط الله تعالى وحسب ذلك شرا في مآلهم ، وأنهم مخلدون في العذاب ، وقد أكد سبحانه عذابهم بكلمة ، هم وتقديم ( في العذاب ) وتخليده ، وقد بين سبحانه ان ولاية المشركين والجبابرة أمر مذموم لأنه ضد الخير ، فقال:( ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما تخذوهم أولياء )