ومعنى شيوع هذه العادة الشاذة في قوم لوط ، أنها كانت تقع ولا تستنكر ، وكان ذلك كثيرا ، وكان أكثرهم لا يتناهى عن ذلك ، ولا يعده سبة وأمرا غير جائز ، وروي الحسن البصري أنهم كانوا يفعلون ذلك فيمن يجيئون إليهم من الغرباء .فهل أجاب قوم لوط بالارتداع ؟ بل طلبوا إخراجه ؛ لأنه يتطهر ؛ ولذا قال تعالى:{ وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ( 82 )} .
استمكن ذلك الفساد ، حتى أصبحوا لا يطيقون أن يكون معهم من يتطهرون عن فعله ، وقد أجابوا شاعرين بأنهم ليسوا على خير ، وأنهم في دنس لا يلتئم معهم من يتطهرون عن إثمهم ، و( القرية ) كما علمنا هي المدينة التي تجمع الناس فيها .
أنزل الله تعالى على هؤلاء الذين رضوا بهذه المهانة الإنسانية ، وذلك الشذوذ عذابا مهينا بينه في آية أخرى نستعيرها من موضعها في هذا الموضع ، فقد قال تعالى مبينا الحال عند نزول العذاب في الدنيا:{ قالوا} أي الملائكة{. . . . . . . . . . . . . .إنا رسل ربك لن يصلوا فاسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ( 81 ) فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ( 82 ) مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ( 83 )} ( هود ) .