ولقد كان منهم من يقطعون الطريق ، ويحاربون امن الناس ، ومنهم من كان يمنع الذين يريدون أن يستمعوا إلى شعيب ، وكان منهم المكاسون الذين يفرضون من أنفسهم ضرائب على الناس ليمر وهم لإلى مأمنهم ، ففي سبيل منع الفساد ، والتهيئة للقضاء على المفسدين قال لهم – عليه السلام:{ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا} ( الصراط ) الطريق المعبد المستقيم الذي يسير فيه السابلة وينتقلون فيه من مكان إلى مكان أو قرية إلى قرية أو مصر إلى مصر ، لا تقعدوا فيه توعدون المارة ، وتقطعون الطريق ، وهذا هو القعود الحسي والمنع الحسي الواضح الأذى ، وهناك منع معنوي ، وهو ليس لمنع المارة وقتلهم ، أو سرقتهم ، ولكنه للصد عن سبيل الله بمنع الناس من الإيمان بالله وحده ، يصدون بهذا عن سبيل الله تعالى من آمن ويبغونها عوجا أي معوجة لا استقامة ، وهم يغفلون الأمرين بكل صراط مستقيم ، يقطعون السبيل على المارة ، ويصدون عن سبيل الله .
ويصح أن يفسر ( الإيعاد ) بإيذاء المؤمنين وتعذيبهم أو التهديد بتعذيبهم ، كما يتبين من بعد . وصد من آمن ، يراد به منع من هم بصدد الإيمان من أن يدخلوا فيه ، وإيذاء من آمنوا ، وإيعادهم بالعذاب الشديد . ويذكرهم بأمرين ، بنعمة الله تعالى عليهم إذ كثر جمعهم بعد قلة ، والثانية بعاقبة من أفسدوا من قوم نوح ، وعاد وثمود ، فقال لهم:
{ واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم} أي جعلكم كثيرين ،{ وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين} الذين أفسدوا في دينهم ، فأشركوا مع الله تعالى غيره ، وأفسدوا في جمعهم ، فلم يوفوا الكيل والميزان ، وبخسوا الناس أشياءهم وأكلوا أموالهم ، وظلموهم .