ويؤكد لهم شعيب أن مطلبهم العود لن يكون أبدا ، فمهما حاولتم الإيذاء والتهديد فيقول – عليه السلام – لهم:{ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا} ( قد ) هنا للتحقيق كما هي في كل استعمالات القرآن الكريم ، سواء أدخلت على فعل ماض أم دخلت على فعل مستقبل{ افترينا على الله كذبا} أن نعود إلى ملتكم أي كذبنا على الله تعالى كذبا مقصودا متعمدا إذا عرفنا الحق ، واعتنقناه ، ثم كفرناه ، وأكد – عليه السلام – هذا المعنى بقوله:{ بعد إذ نجانا الله منها} أي بعد نجاتنا ، وإخراجنا من الضلال إلى نور الهداية ، ثم قال:- عليه السلام – مؤكدا عدم العود:{ وما يكون لنا أن نعود فيها} أي ليس لنا بعد أن رأينا النور وسرنا فيه ، أن نعود إلى الظلمة ،{ إلا أن يشاء ربنا} أي إلا أن يريد ربنا وخالقنا لنا الضلالة بعد
الهداية ، ويكون ذلك بعمل منا ، ثم صرح – عليه السلام – بالتفويض لله تعالى فقال:{ وسع ربنا كل شيء علما} وعما هنا تمييز محمول عن مفعول ، ومعناه وسع ربنا علم كل شيء ، فهو يعلم ما كان وما يكون ، وما هو كائن ثابت ، ولذا لا يتوكل إلا على الله{ على الله توكلنا} وذلك رد لتهديدهم بالإخراج ، فالله ربنا عليه توكلنا ، ولن يغلبه تهديدكم ، فإذا كنتم تستعينون بجبروتكم وكبريائكم ، وغطرستكم ، فنحن نعتمد على الله ، ومع ذلك تذهب رحمة النبوة إلى تجنب العداوة والاتجاه إلى الله تعالى الذي يعلم الحق كله:{ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} ، أي افصل بيننا وبين قدمنا بالحق ،{ وأنت خير الفاتحين} .