قوله تعالى:{وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ 76} .
قوله:{وَنُوحاً} منصوب ب «اذكر » مقدراً ،أي واذكر نوحاً حين نادى من قبل ،أي من قبل إبراهيم ومن ذكر معه .ونداء نوح هذا المذكور هنا هو المذكور في قوله تعالى:{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ 75 وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ 76 وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ 77} وقد أوضح الله هذا النداء بقوله:{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً 26 إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً 27} ،وقوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ 9 فَدَعَا رَبَّهُ أَنُّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ 10 فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍمُّنْهَمِرٍ 11} الآية .
والمراد بالكرب العظيم في الآية: الغرق بالطوفان الذي تتلاطم أمواجه كأنها الجبال العظام ،كما قال تعالى:{وَهِي تَجْرِي بِهِمْ في مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} ،وقال تعالى:{فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} الآية ،إلى غير ذلك من الآيات .والكرب: هو أقصى الغم ،والأخذ بالنفس .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} يعني إلا من سبق عليه القول من أهله بالهلاك مع الكفرة الهالكين ،كما قال تعالى:{قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} الآية .ومن سبق عليه القول منهم: ابنه المذكور في قوله:{وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} وامرأته المذكورة في قوله{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوحٍ}إلى قوله{ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَاخِلِينَ}