المشار إليه بلفظ{ هذا} مقدر في الذهن حاصل من اشتراط موسى على نفسه أنه إن سأله عن شيء بعد سؤاله الثاني فقد انقطعت الصحبة بينهما ،أي هذا الذي حصل الآن هو فراق بيننا ،كما يقال: الشرطُ أمْلَك عليك أمْ لك .وكثيراً ما يكون المشار إليه مقدراً في الذهن كقوله تعالى:{ تلك الدار الآخرة}[ القصص: 83] .وإضافة{ فراق} إلى{ بيتي} من إضافة الموصوف إلى الصفة .وأصله: فراقٌ بيني ،أي حاصل بيننا ،أو من إضافة المصدر العامل في الظرف إلى معموله ،كما يضاف المصدر إلى مفعوله .وقد تقدم خروج ( بين ) عن الظرفية عند قوله تعالى:{ فلما بلغا مجمع بينِهما}[ الكهف: 61] .
وجملة{ سأُنْبِئُك} مستأنفة استئنافاً بيانياً ،تقع جواباً لسؤال يهجس في خاطر موسى عليه السلام عن أسباب الأفعال التي فعلها الخضر عليه السلام وسأله عنها موسى فإنه قد وعده أن يُحدث له ذكراً مما يفعله .
والتأويل: تفسير لشيء غير واضح ،وهو مشتق من الأول وهو الرجوع .شبه تحصيل المعنى على تكلف بالرجوع إلى المكان بعد السير إليه .وقد مضى في المقدمة الأولى من مقدمات هذا التفسير ،وأيضاً عند قوله تعالى:{ وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم يقولون} الخ ..من أول سورة آل عمران ( 7 ) .
وفي صلة الموصول من قوله{ مَا لَمْ تَسْتطِع عليه صَبْراً} تعريض باللوم على الاستعجال وعدم الصبر إلى أن يأتيه إحداث الذكر حسبما وعده بقوله{ فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً} .