عطف على جملة{ وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون}[ النمل: 74] .وهو في معنى الذييل للجملة المذكورة لأنها ذكر منها علم الله بضمائرهم فذيل ذلك بأن الله يعلم كل غائبة في السماء والأرض .
وإنما جاء معطوفاً لأنه جدير بالاستقلال بذاته من حيث إنه تعليم لصفة علم الله تعالى وتنبيه لهم من غفلتهم عن إحاطة علم الله لما تكن صدورهم وما يعلنون .
والغائبة: اسم للشيء الغائب والتاء فيه للنقل من الوصفية إلى الاسمية كالتاء في العافية ،والعاقبة ،والفاتحة .وهو اسم مشتق من الغيب وهو ضد الحضور ،والمراد: الغائبة عن علم الناس .استعمل الغيب في الخفاء مجازاً مرسلاً .
والكتاب يعبر به عن علم الله ،استعير له الكتاب لما فيه من التحقق وعدم قبول التغيير .ويجوز أن يكون مخلوقاً غيبياً يسجل فيه ما سيحدث .
والمبين: المفصل ،لأن الشيء المفصل يكون بيّناً واضحاً .والمعنى: أن الله لا يعزب عن علمه حقيقة شيء مما خفي على العالمين .وذلك يقتضي أن كل ما يتلقاه الرسل من جانب الله تعالى فهو حق لا يحتمل أن يكون الأمر بخلافه .ومن ذلك ما كان الحديث فيه من أمر البعث الذي أنكروه وكذبوا بما جاء فيه .