/م101
{ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا والَّذِينَ آمَنُواْ} هذا التعبير من أعجب إيجاز القرآن المعجز الذي انفرد به في العطف على محذوف ، وهو ذكر شيء يدل دلالة واضحة على أمر عام كسنة اجتماعية تستنبط من قصة أو قصص واقعة ، ثم يأتي بجملة معطوفة لا يصح عطفها على ما قبلها من الجمل ، فيتبادر إلى الذهن وجوب عطفها على ذلك الأمر العام ، بحرف العطف المناسب للمقام ، بحيث يستغنى به عن ذكره ، وتقديره هنا:تلك سنتنا في رسلنا مع قومهم:يبلغونهم الدعوة ، ويقيمون عليهم الحجة ، وينذرونهم سوء عاقبة الكفر والتكذيب ، فيؤمن بعض ويصر الآخرون ، فنهلك المكذبين ، ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا بهم .
{ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ} أي كذلك الإنجاء ، ننجي المؤمنين معك أيها الرسول ، ونهلك المصرين على تكذيبك ، وعدا حقا علينا لا نخلفه{ سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا ولاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً} [ الإسراء:77] وقد صدق عده كما قال .
قرأ الجمهور ( ننجي رسلنا ) بالتشديد من التنجية ، إلا في رواية عن يعقوب بالتخفيف مختلف فيها .وقرأ الكسائي وحفص ويعقوب ( ننجي المؤمنين ) بالتخفيف من الإنجاء ، والباقون بالتشديد ، والمعنى واحد ، إلا أن التشديد يدل على المبالغة أو التكرار ، وهو الأنسب في الأولى لكثرة الأقوام .