{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ومَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوكِيلٍ 108 واتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ واصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وهُو خَيْرُ الْحَاكِمِينَ 109}
هذا النداء خاتمة البلاغ للناس كافة ، بمقتضى بعثة الرسول العامة ، وهو إجمال لما فصل في هذه السورة وسائر السور المباركة .
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ} أي قل أيها الرسول مخاطبا لجميع البشر ، من حضر منهم فسمع هذه الدعوة منك ، ومن ستبلغه عنك:قد جاءكم الحق المبين لحقيقة الدين من ربكم ، بوحيه إلى رجل منكم ، وهو الذي افتتحت هذه السورة به ، وقد كان هذا الحق مجهولا خفيا عنكم ، بما جهل بعضكم من دعوة الرسل الأقدمين ، وما حرف بعضكم وجهل وبدل وتأوَّل من كتب الأنبياء المتأخرين ، وفصله لكم هذا الكتاب العربي المبين .
{ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} أي فمن اهتدى بما جاء به هذا الرسول في هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فإنما فائدة اهتدائه لنفسه ، لأنه ينال به السعادة في دنياه ودينه ، دون عمل غيره ، ولا فدائه ولا تأثيره .
{ ومَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} أي ومن ضل عن هذا الحق بإعراضه عن آياته في هذا القرآن ، وحججه فيه بآياته في الأنفس والآفاق ، فإنما وبال ضلاله على نفسه بما يفوته من فوائد الاهتداء في الدنيا ، وما يصيبه من العذاب على كفره وجرائمه في الآخرة .
{ ومَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوكِيلٍ} أي وما أنا بموكل من عند الله بأموركم ولا مسيطر عليكم فأكرهكم على الإيمان ، وأمنعكم بقوتي من الكفر والعصيان ، وليس عليَّ هداكم ، ولا أملك نفعكم ولا ضركم ، وإنما أنا بشير لمن اهتدى ، ونذير لمن ضل وغوى ، وقد أعذر من أنذر .