/م84
ثم أكد الله تعالى ذلك الوعيد الشديد وبين سببه بقوله{ أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة} أي جعلوا حظوظهم من الحياة الدنيا بدلا من الآخرة بما فرطوا في جنب الله وأهملوا من شريعته حتى لم يتبعوا منها إلا ما يوافق أهواءهم ولا يعارض شهواتهم كالحمية التي حملت كل حليف على الانتصار لمحالفه المشرك ، ومظاهرته إياه على قومه الذين تجمعه بهم رابطة الدين والنسب{ فلا يخفف عنهم العذاب} لأن علته ذاتية فيهم وهي ظلمة أرواحهم وفساد أخلاقهم{ ولا هم ينصرون} بشفاعة شافع أو ولاية ولي من دون الله{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ؟} وأنى يأذن بالشفاعة لمن سجلت عليهم الشقاء أعمالهم بإحاطة الخطايا بهم من كل جانب ، حتى أخذت عليهم طريق الرحمة ، وقطعت عليهم باختيارهم سبيل الرضوان الإلهي ؟ فمن الجهل إهمالهم الأمر والنهي ، ونقضهم ميثاق الله تعالى في أهم ما واثقهم به ، واعتمادهم مع هذا كله على الشفعاء{ 21:28 ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) .
/خ86