/م101
{ قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ( 102 )} أي قد سأل هذه المسألة – أي هذا النوع – منها أو هذه المسائل – أي أمثالها – قوم من قبلكم ثم أصبحوا بعد إبدائها لهم كافرين بها ، فإن الذين أكثروا السؤال عن الأحكام التشريعية من الأمم قبلكم لم يعلموا بما بين لهم منها ، بل فسقوا عن أمر بهم ، وتركوا شرعهم لاستثقالهم العمل به ، وأدى ذلك إلى استنكاره واستقباحه ، أو إلى جحود كونه من عند الله تعالى ، وكل ذلك من الكفر به .والذين سألوا الآيات كقول صالح لم يؤمنوا بعد إعطائهم إياها بل كفروا واستحقوا الهلاك في الدنيا قبل الآخرة – والأخبار الغيبية كالآيات أو منها – وقد اقتصر ابن جرير في هذه الآية على تفسير المسائل التي سألوها وكفروا بها بالآيات التي يؤيد الله بها الرسل عليهم السلام ، وذكر ابن كثير المعنيين اللذين قررناهما آنفا واستشهد للأول بمسألة السؤال عن الحج .ولا بد من الجمع بينهما لتكون هذه الآية تتمة لما قبلها ، وبيانا لسبب ذلك النهي الجامع للمعنيين كما تقدم .ويؤيد الأول ما ورد في حديث السؤال عن الحج من كون فرضه كل عام يفضي إلى الكفر ، وإنما يظهر ذلك بالوجه الذي قررناه وبيناه ، ولم نر أحدا سبقنا إليه .
والعبرة في هذه الآية أن كثيرا من الفقهاء وسعوا بأقيستهم دائرة التكاليف ، وانتهوا بها إلى العسر والحرج المرفوع بالنص القاطع ، فأفضى ذلك إلى ترك كثير من أفراد المسلمين وحكوماتهم للشريعة بجملتها ، وفتح لهم أبواب انتقادها والاعتراض عليها ، فاتبعوا بذلك سنن من قبلهم .ولا بد لنا من عقد فصل خاص في تفصيل هذا البحث:
/خ102