فإن قيل:كيف غلب بني إسرائيل ذلك الضلال والإضلال ، وآثر أكثرهم اتباع الهوى على هدى الأنبياء ؟ وبماذا آخذهم الله تعالى على هذا الإصرار ؟ فالجواب عن ذلك قوله عز وجل:{ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} اللعن أشد ما يعبر الله تعالى به عن مقته وغضبه ، فالملعون منه هو المحروم من لطفه وعنايته ، البعيد عن هبوط رأفته ورحمته ، وقد كان داود عليه السلام لعن الذين اعتدوا منهم في السبت أو العاصين المعتدين عامة ، والمعتدين في السبت خاصة .ثم لعنهم عيسى عليه السلام وهو آخر الأنبياء المرسلين منهم .وإنما كان سبب ذلك اللعن من الله ، الذي استمر هذا الاستمرار ، عصيانهم له عز وجل ، واعتداؤهم الممتد المستمر ، كما يدل عليه قوله تعالى:( وكانوا يعتدون ) .وقد بين عز وجل ذلك العصيان ، وسبب استمرارهم على تعدي حدود الله وإصرارهم عليه بقوله:{ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ}