( لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر ) أي:حججا وأدلة على صدق ما جئتك به ( وإني لأظنك يافرعون مثبورا ) أي:هالكا ؛ قاله مجاهد وقتادة . وقال ابن عباس ملعونا . وقال:أيضا هو والضحاك:( مثبورا ) أي:مغلوبا . والهالك - كما قال مجاهد - يشمل هذا كله ، قال عبد الله بن الزبعرى:
إذ أجاري الشيطان في سنن الغ ي ومن مال ميله مثبور
[ بمعنى هالك] .
وقرأ بعضهم برفع التاء من قوله:"علمت "وروي ذلك عن علي بن أبي طالب . ولكن قراءة الجمهور بفتح التاء على الخطاب لفرعون ، كما قال تعالى:( فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) [ النمل:13 ، 14] .
فهذا كله مما يدل على أن المراد بالتسع الآيات إنما هي ما تقدم ذكره من العصا ، واليد ، والسنين ، ونقص من الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمل ، والضفادع ، والدم . التي فيها حجج وبراهين على فرعون وقومه ، وخوارق ودلائل على صدق موسى ووجود الفاعل المختار الذي أرسله . وليس المراد منها كما ورد في هذا الحديث ، فإن هذه الوصايا ليس فيها حجج على فرعون وقومه ، وأي مناسبة بين هذا وبين إقامة البراهين على فرعون ؟ وما جاء هذا الوهم إلا من قبل "عبد الله بن سلمة فإن له بعض ما ينكر . والله أعلم . ولعل ذينك اليهوديين إنما سألا عن العشر الكلمات ، فاشتبه على الراوي بالتسع الآيات ، فحصل وهم في ذلك . والله أعلم .