( فمن تولى بعد ذلك ) أي:عن هذا العهد والميثاق ، ( فأولئك هم الفاسقون )
قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما:ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق ، لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته:لئن بعث محمد [ صلى الله عليه وسلم] وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .
وقال طاوس ، والحسن البصري ، وقتادة:أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا .
وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه ، بل يستلزمه ويقتضيه . ولهذا رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه مثل قول علي وابن عباس .
وقد قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال:جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله ، إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال:فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال عبد الله بن ثابت:قلت له:ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر:رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا - قال:فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين ".
حديث آخر:قال الحافظ أبو بكر حدثنا إسحاق ، حدثنا حماد ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق ، وإنه - والله - لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني ".
وفي بعض الأحاديث [ له]:"لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي ".
فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه ، دائما إلى يوم الدين ، وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم ، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس ، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر في إتيان الرب لفصل القضاء ، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له ، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين ، حتى تنتهي النوبة إليه ، فيكون هو المخصوص به .