ثم قال تعالى - مخاطبا - للرسول [ صلى الله عليه وسلم] والمراد جنس الإنسان ليحصل الجواب:( ما أصابك من حسنة فمن الله ) أي:من فضل الله ومنه ولطفه ورحمته ( وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) أي:فمن قبلك ، ومن عملك أنت كما قال تعالى:( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) [ الشورى:30] .
قال السدي ، والحسن البصري ، وابن جريج ، وابن زيد:( فمن نفسك ) أي:بذنبك .
وقال قتادة:( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) عقوبة يا ابن آدم بذنبك . قال:وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"لا يصيب رجلا خدش عود ، ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق ، إلا بذنب ، وما يعفو الله أكثر ".
وهذا الذي أرسله قتادة قد روي متصلا في الصحيح:"والذي نفسي بيده ، لا يصيب المؤمن هم ولا حزن ، ولا نصب ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه ".
وقال أبو صالح:( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) أي:بذنبك ، وأنا الذي قدرتها عليك . رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا محمد بن عمار ، حدثنا سهل - يعني ابن بكار - حدثنا الأسود بن شيبان ، حدثني عقبة بن واصل بن أخي مطرف ، عن مطرف بن عبد الله قال:ما تريدون من القدر ، أما تكفيكم الآية التي في سورة النساء:( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ) أي:من نفسك ، والله ما وكلوا إلى القدر وقد أمروا وإليه يصيرون .
وهذا كلام متين قوي في الرد على القدرية والجبرية أيضا ، ولبسطه موضع آخر .
وقوله تعالى:( وأرسلناك للناس رسولا ) أي:تبلغهم شرائع الله ، وما يحبه ويرضاه ، وما يكرهه ويأباه .
( وكفى بالله شهيدا ) أي:على أنه أرسلك ، وهو شهيد أيضا بينك وبينهم ، وعالم بما تبلغهم إياه ، وبما يردون عليك من الحق كفرا وعنادا .