( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) أي:صرعى لا أرواح فيهم ، ولم يفلت منهم أحد ، لا صغير ولا كبير ، لا ذكر ولا أنثى - قالوا:إلا جارية كانت مقعدة - واسمها "كلبة ابنة السلق "، ويقال لها:"الزريقة "- وكانت كافرة شديدة العداوة لصالح ، عليه السلام ، فلما رأت ما رأت من العذاب ، أطلقت رجلاها ، فقامت تسعى كأسرع شيء ، فأتت حيا من الأحياء فأخبرتهم بما رأت وما حل بقومها ، ثم استسقتهم من الماء ، فلما شربت ، ماتت .
قال علماء التفسير:ولم يبق من ذرية ثمود أحد ، سوى صالح ، عليه السلام ، ومن اتبعه ، رضي الله عنهم ، إلا أن رجلا يقال له:"أبو رغال "، كان لما وقعت النقمة بقومه مقيما إذ ذاك في الحرم ، فلم يصبه شيء ، فلما خرج في بعض الأيام إلى الحل ، جاءه حجر من السماء فقتله .
وقد تقدم في أول القصة حديث "جابر بن عبد الله "في ذلك ، وذكروا أن أبا رغال هذا هو والد ثقيف "الذين كانوا يسكنون الطائف
قال عبد الرزاق:قال معمر:أخبرني إسماعيل بن أمية ; أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر أبي رغال فقال:"أتدرون من هذا ؟ "فقالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"هذا قبر أبي رغال ، رجل من ثمود ، كان في حرم الله ، فمنعه حرم الله عذاب الله . فلما خرج أصابه ما أصاب قومه ، فدفن هاهنا ، ودفن معه غصن من ذهب ، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم ، فبحثوا عنه ، فاستخرجوا الغصن ".
وقال عبد الرزاق:قال معمر:قال الزهري:أبو رغال:أبو ثقيف
هذا مرسل من هذا الوجه ، وقد روي متصلا من وجه آخر ، كما قال محمد بن إسحاق ، عن إسماعيل بن أمية ، عن بجير بن أبي بجير قال:سمعت عبد الله بن عمرو يقول:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، حين خرجنا معه إلى الطائف ، فمررنا بقبر فقال:"هذا قبر أبي رغال ، وهو أبو ثقيف ، وكان من ثمود ، وكان بهذا الحرم فدفع عنه ، فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان ، فدفن فيه . وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب ، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن ".
وهكذا رواه أبو داود ، عن يحيى بن معين ، عن وهب بن جرير بن حازم ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، به
قال شيخنا أبو الحجاج المزي:وهو حديث حسن عزيز
قلت:تفرد بوصله "بجير بن أبي بجير "هذا ، وهو شيخ لا يعرف إلا بهذا الحديث . قال يحيى بن معين:ولم أسمع أحدا روى عنه غير إسماعيل بن أمية .
قلت:وعلى هذا ، فيخشى أن يكون وهم في رفع هذا الحديث ، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو ، مما أخذه من الزاملتين .
قال شيخنا أبو الحجاج ، بعد أن عرضت عليه ذلك:وهذا محتمل ، والله أعلم .