هذا تقريع من صالح ، عليه السلام ، لقومه ، لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه ، وتمردهم على الله ، وإبائهم عن قبول الحق ، وإعراضهم عن الهدى إلى العمى - قال لهم صالح ذلك بعد هلاكهم تقريعا وتوبيخا وهم يسمعون ذلك ، كما ثبت في الصحيحين:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على أهل بدر ، أقام هناك ثلاثا ، ثم أمر براحلته فشدت بعد ثلاث من آخر الليل فركبها ثم سار حتى وقف على القليب ، قليب بدر ، فجعل يقول:"يا أبا جهل بن هشام ، يا عتبة بن ربيعة ، يا شيبة بن ربيعة ، ويا فلان بن فلان:هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا ". فقال له عمر:يا رسول الله ، ما تكلم من أقوام قد جيفوا ؟ فقال:"والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يجيبون ".
وفي السيرة أنه ، عليه السلام قال لهم:"بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس ، فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ".
وهكذا صالح ، عليه السلام ، قال لقومه:( لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ) أي:فلم تنتفعوا بذلك ، لأنكم لا تحبون الحق ولا تتبعون ناصحا ; ولهذا قال:( ولكن لا تحبون الناصحين )
وقد ذكر بعض المفسرين أن كل نبي هلكت أمته ، كان يذهب فيقيم في الحرم ، حرم مكة ، فالله أعلم .
وقد قال الإمام أحمد:حدثنا وكيع ، حدثنا زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي عسفان حين حج قال:"يا أبا بكر ، أي واد هذا ؟ "قال:هذا وادي عسفان . قال:"لقد مر به هود وصالح ، عليهما السلام ، على بكرات حمر خطمها الليف ، أزرهم العباء ، وأرديتهم النمار ، يلبون يحجون البيت العتيق ".
هذا حديث غريب من هذا الوجه ، لم يخرجه أحد منهم