القول في تأويل قوله تعالى:قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:(قل ) ، يا محمد ، للناس:(يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم ) ، يعني:كتاب الله، فيه بيان كل ما بالناس إليه حاجة من أمر دينهم، ( فمن اهتدى) ، يقول:فمن استقام فسلك سبيل الحق، وصدّق بما جاء من عند الله من البيان، (فإنما يهتدي لنفسه) ، يقول:فإنما يستقيم على الهدى، ويسلك قصد السبيل لنفسه، فإياها يبغي الخيرَ بفعله ذلك لا غيرها (6)، ( ومن ضل) ، يقول:ومن اعوج عن الحق الذي أتاه من عند الله، وخالف دينَه، وما بعث به محمدًا والكتابَ الذي أنـزله عليه، ( فإنما يضل عليها) ، يقول:فإن ضلاله ذلك إنما يجني به على نفسه لا على غيرها، لأنه لا يؤخذ بذلك غيرها ، ولا يورد بضلاله ذلك المهالكَ سوى نفسه. ولا تزر وازرة وزر أخرى (7)، (وما أنا عليكم بوكيل) ، يقول:وما أنا عليكم بمسلَّط على تقويمكم، إنما أمركم إلى الله، وهو الذي يقوّم من شاء منكم، وإنما أنا رسول مبلّغ أبلغكم ما أرسلتُ به إليكم. (8)
* * *