القول في تأويل قوله تعالى:وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:وما يُقِرُّ أكثر هؤلاء،الذين وصَفَ عز وجل صفتهم بقوله:وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ،بالله أنه خالقه ورازقه وخالق كل شيء، ( إلا وهم مشركون )، في عبادتهم الأوثان والأصنام , واتخاذهم من دونه أربابًا , وزعمهم أنَّ له ولدًا , تعالى الله عما يقولون.
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
* ذكر من قال ذلك:
19954 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا عمران بن عيينة , عن عطاء بن السائب , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس:( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية , قال:من إيمانهم، إذا قيل لهم:مَن خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا:الله . وهم مشركون.
19955 - حدثنا هناد , قال:حدثنا أبو الأحوص , عن سماك , عن عكرمة , في قوله:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال:تسألهم:مَن خلقهم؟ ومن خلق السماوات والأرض , فيقولون:الله . فذلك إيمانهم بالله , وهم يعبدون غيره.
19956 - حدثنا أبو كريب , قال:حدثنا وكيع , عن إسرائيل , عن جابر , عن عامر، وعكرمة:( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية , قالا يعلمون أنه ربُّهم , وأنه خلقهم , وهم يشركون به. (4)
19957 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا أبي , عن إسرائيل , عن جابر , عن عامر، وعكرمة، بنحوه.
19958 - .... قال:حدثنا ابن نمير , عن نضر , عن عكرمة:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال:من إيمانهم إذا قيل لهم:من خلق السماوات؟ قالوا:الله. وإذا سئلوا:من خلقهم؟ قالوا:الله. وهم يشركون به بَعْدُ.
19959 - .... قال:حدثنا أبو نعيم , عن الفضل بن يزيد الثمالي , عن عكرمة , قال:هو قول الله:وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[سورة لقمان:25/ سورة الزمر:38]. فإذا سئلوا عن الله وعن صفته , وصفوه بغير صفته، وجعلوا له ولدًا، وأشركوا به. (5)
19960 - حدثنا الحسن بن محمد , قال:حدثنا شبابة , قال:حدثنا ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قوله:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، إيمانهم قولهم:الله خالقُنا، ويرزقنا ويميتنا.
19961 - حدثني محمد بن عمرو , قال:حدثنا أبو عاصم , قال:حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، فإيمانهم قولُهم:الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا.
19962 - حدثني المثنى , قال:أخبرنا أبو حذيفة , قال:حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، إيمانُهم قولهم:الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا. , فهذا إيمان مع شرك عبادتهم غيرَه.
19963 - .... قال، حدثنا إسحاق , قال:حدثنا عبد الله , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) قال:إيمانهم قولهم:الله خالقنا ويرزقنا ويميتنا
19964 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا هانئ بن سعيد وأبو معاوية , عن حجاج , عن القاسم , عن مجاهد , قال:يقولون:"الله ربنا , وهو يرزقنا "، وهم يشركون به بعدُ.
19965 - حدثنا القاسم , قال:حدثنا الحسين , قال:حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد , قال:إيمانهم قولُهم:الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا.
19966 - .... قال:حدثنا الحسين , قال:حدثنا أبو تميلة , عن أبي حمزة , عن جابر , عن عكرمة، ومجاهد، وعامر:أنهم قالوا في هذه الآية:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال:ليس أحد إلا وهو يعلم أن الله خلقه وخلق السموات والأرض، فهذا إيمانهم , ويكفرون بما سوى ذلك.
19967 - حدثنا بشر , قال، حدثنا يزيد , قال حدثنا سعيد , عن قتادة , قوله:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، في إيمانهم هذا. إنك لست تلقى أحدًا منهم إلا أنبأك أن الله ربه، وهو الذي خلقه ورزقه , وهو مشرك في عبادته.
19968 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى , قال:حدثنا محمد بن ثور , عن معمر , عن قتادة:( وما يؤمن أكثرهم بالله ) الآية , قال:لا تسأل أحدًا من المشركين:مَنْ رَبُّك؟ إلا قال:ربِّيَ الله! وهو يشرك في ذلك.
19969 - حدثني محمد بن سعد , قال:حدثني أبي , قال:حدثني عمي , قال:حدثني أبي عن أبيه , عن ابن عباس , قوله:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، يعني النصارى، يقول:وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، [سورة لقمان:25/ سورة الزمر:38]،وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[سورة الزخرف:87]، ولئن سألتهم من يرزقكم من السماء والأرض؟ ليقولن:الله . وهم مع ذلك يشركون به ويعبدون غيره، ويسجدون للأنداد دونه.؟
19970 - حدثني المثنى , قال:أخبرنا عمرو بن عون , قال، أخبرنا هشيم , عن جويبر , عن الضحاك , قال:كانوا يشركون به في تلبيتهم.
19971 - حدثنا ابن وكيع , قال:حدثنا ابن نمير , عن عبد الملك , عن عطاء:( وما يؤمن أكثرهم بالله ) ، الآية , قال:يعلمون أن الله ربهم , وهم يشركون به بعدُ.
19972 - حدثني المثنى , قال:حدثنا عمرو بن عون , قال:أخبرنا هشيم , عن عبد الملك , عن عطاء , في قوله:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) ، قال:يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم , وهم يشركون به.
19973 - حدثني يونس , قال:أخبرنا ابن وهب , قال:قال:سمعت ابن زيد يقول:( وما يؤمن أكثرهم بالله ) ، الآية , قال:ليس أحدٌ يعبد مع الله غيره إلا وهو مؤمن بالله , ويعرف أن الله ربه , وأن الله خالقه ورازقه , وهو يشرك به. ألا ترى كيف قال إبراهيم:أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ[سورة الشعراء:75-77]؟ قد عرف أنهم يعبدون رب العالمين مع ما يعبدون. قال:فليس أحد يشرك به إلا وهو مؤمن به. ألا ترى كيف كانت العرب تلبِّي تقول:"لبيك اللهم لبيك , لبيك لا شريك لك , إلا شريك هو لك , تملكه وما ملك "؟ المشركون كانوا يقولون هذا.
----------------------
الهوامش:
(4) في المطبوعة:"مشركون به"، وأثبت ما في المخطوطة .
(5) الأثر:19959 -"الفضل بن يزيد الثمالي البجلي"، كوفي ثقة ، مترجم في التهذيب ، والكبير 4 / 1 / 116 ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 69 .
وكان في المخطوطة والمطبوعة:"الفضيل"بالتصغير ، وهو خطأ صرف .