(قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) . ، يقول جل ثناؤه:وقال إخوة يوسف:ثواب السرق من وجد في متاعه السرق (فهو جزاؤه) , (14) يقول:فالذي وجد ذلك في رحله ثوابه بأن يسلم بسَرِقته إلى من سرق منه حتى يستَرِقّه ، (كذلك نجزي الظالمين) ، يقول:كذلك نفعل بمن ظلم ففعل ما ليس له فعله من أخذه مال غيره سَرَقًا .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
19556- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة , عن ابن إسحاق:(فهو جزاؤه) ، أي:سُلِّم به ، (كذلك نجزي الظالمين) ، أي:كذلك نصنع بمن سرقَ منَّا.
19557- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرزاق , عن معمر قال، بلغنا في قوله:(قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين) ، أخبروا يوسف بما يحكم في بلادهم أنه من سرق أخذ عبدًا , فقالوا:(جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه).
19558- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو , عن أسباط , عن السدي:(قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) ، تأخذونه فهو لكم.
* * *
قال أبو جعفر:ومعنى الكلام:قالوا:ثوابُ السَّرَق الموجودُ في رحله ،كأنه قيل:"ثوابه استرقاق الموجود في رحله "، ثم حذف "استرقاق ",إذ كان معروفًا معناه. ثم ابتدئ الكلام فقيل:( هو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين) .
* * *
وقد يحتمل وجهًا آخر:أن يكون معناه:قالوا ثوابُ السَّرق، الذي يوجدُ السَّرق في رحله , فالسارق جزاؤه ،فيكون "جزاؤه "الأول مرفوعًا بجملة الخبر بعده , ويكون مرفوعًا بالعائد من ذكره في"هو ",و "هو "مرافع "جزاؤه "الثاني . (15)
* * *
ويحتمل وجهًا ثالثًا:وهو أن تكون "مَنْ"جزاءً (16) وتكون مرفوعة بالعائد من ذكره في"الهاء "التي في"رحله ",و "الجزاء "الأول مرفوعًا بالعائد من ذكره في"وجد ",ويكون جواب الجزاء "الفاء "في"فهو ". و "الجزاء "الثاني مرفوع ب "هو ",فيكون معنى الكلام حينئذ:قالوا:جزاء السَّرق، من وجد السرق في رحله فهو ثوابه، يُستَرَقُّ ويُستعبَد . (17)
* * *
----------------------
الهوامش:
(14) "السرق"( بفتحتين ) ، ومصدره فعل السارق . وسوف يسمى"المسروق""سرقًا"، بعد قليل ، وهو صحيح في العربية جيد . وهكذا كان يقوله أئمة الفقهاء القدماء .
(15) في المطبوعة:"رافع"، وأثبت ما في المخطوطة . وهذا الوجه الثاني مكرر في المخطوطة ، كتب مرتين .
(16) في المطبوعة:"جزائية"، وهو تصرف معيب .
(17) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير هذه الآية ، فقد ذكر هذه الوجوه بغير هذا اللفظ .