يقول تعالى ذكره:لا يسمع هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى حَسيس النار ، ويعني بالحسيس:الصوت والحسّ.
فإن قال قائل:فكيف لا يسمعون حسيسها ، وقد علمت ما روي من أن جهنم يؤتى بها يوم القيامة فتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلا جثا على ركبتيه خوفا منها؟ قيل:إن الحال التي لا يسمعون فيها حسيسها هي غير تلك الحال ، بل هي الحال التي حدثني محمد بن سعد ، قال:ثني أبي ، قال:ثنى عمي ، قال:ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) يقول:لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نـزلوا منـزلهم من الجنة.
وقوله ( وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) يقول:وهم فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذاتها ماكثون فيها ، لا يخافون زوالا عنها ولا انتقالا عنها.