القول في تأويل قوله:بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)
قال أبو جعفر:وهذا إخبار من الله عز وجل عمَّا لمنْ أدَّى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاءَ الله ومراقبتَه، عنده. (41) فقال جل ثناؤه:ليس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون على الله من اليهود، من أنه ليس عليهم في أموَال الأميين حرج ولا إثم، ثمّ قال:بلى، ولكن من أوفى بعهده واتقى - يعني:ولكن الذي أوفى بعهده، وذلك وصيته إياهم التي أوصاهم بها في التوراة، من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به. (42)
* * *
و "الهاء "في قوله:"من أوفى بعهده "، عائدة على اسم "الله "في قوله:وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ.
* * *
يقول:بلى من أوفى بعهد الله الذي عاهده في كتابه، فآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وصَدّق به وبما جاء به من الله، من أداء الأمانة إلى من ائتمنه عليها، وغير ذلك من أمر الله ونهيه ="واتقى "، يقول:واتقى ما نهاه الله عنه من الكفر به، وسائر معاصيه التي حرّمها عليه، فاجتنبَ ذلك مراقبةَ وعيد الله وخوفَ عقابه ="فإنّ الله يحبّ المتقين "، يعني:فإن الله يحب الذين يتقونه فيخافون عقابه ويحذرون عذابه، فيجتنبون ما نهاهم عنه وحرّمه عليهم، ويطيعونه فيما أمرهم به.
* * *
وقد روى عن ابن عباس أنه كان يقول:هو اتقاء الشرك.
7277 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"بلى من أوفى بعهده واتقى "يقول:اتقى الشرك ="فإنّ الله يحب المتقين "، يقول:الذين يتقون الشرك.
* * *
وقد بينا اختلافَ أهل التأويل في ذلك والصوابَ من القول فيه، بالأدلة الدّالة عليه، فيما مضى من كتابنا، بما فيه الكفاية عن إعادته. (43)
-----------------------------
الهوامش:
(41) في المطبوعة:"هذا إخبار من الله عز وجل عمن أدى أمانته إلى من ائتمنه عليها اتقاء الله ومراقبته وعيده"، والذي أثبت هو نص المخطوطة ، وهو الصواب المحض. والسياق:"وهذا إخبار من الله... عما لمن أدى أمانته... عنده". وقوله:"واتقاء الله ومراقبته"على النصب فيهما ، مفعول لأجله.
(42) انظر بيان معنى"أوفى"فيما سلف 1:557-559 / 3:348. وانظر تفسير"العهد"فيما سلف 1:410-414 ، ثم 557-559 / 3:20-24 ، 348 ، 349.
(43) انظر تفسير"اتقى"و"التقوى"فيما سلف 1:232 ، 233 ، 364 / 2:181 ، 457 / 4:162 ، 244 ، 425 ، 426 / ثم 6:261.