[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وهذه صفة المؤمن الحق؛ الذي إذا ذكر الله وجل قلبه؛ أي: خاف منه، ففعل أوامره، وترك زواجره، قال سفيان الثوري: سمعت السدي يقول: هو الرجل يريد أن يظلم -أو قال: يهم بمعصية- فيقال له: اتق الله؛ فَيَجِلُ قلبه.
وقفة
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ إنها الارتعاشة الوجدانية التي تنتاب القلب المؤمن حين يُذكّر بالله !
وقفة
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ قدم تعالى أعمال القلوب؛ لأنها أصل أعمال الجوارح، وأفضل منها.
عمل
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ إذا لم يتحرك قلبك عند ذكر الله وعند سماع آياته؛ فراجع إيمانك.
وقفة
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشيةُ الله الانكفافَ عن المحارم، فإن خوف الله أكبر علاماته أن يحجز صاحبَه عن الذنوب.
وقفة
[2] لا يبكي من سماع القرآن إلا مؤمن ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾، وعندما يخشع القلب تنهمر العين، ﴿ويخرون للإذقان يبكون﴾ [الإسراء: 109].
وقفة
[2] ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم﴾ قال السدي رحمه الله: «هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله؛ فينزع عنها».
وقفة
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ من أعظم علامات الإيمان: التأثر بكلام الله تعالى.
تفاعل
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ هل تشعر بهذا إذا قرأت القرآن؟
اسقاط
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ اسأل نفسك كلما قرأت القرآن أو استمعت لآياته: هل وجل قلبك؟ هل زادتك هذه الآيات إيمانًا؟ إن كان هذا قد حدث لك هذا فاحمد الله تعالى على فضله، وإن لم تجد أثرًا في قلبك فتفقد إيمانك، واستعن بالله، وتضرع إليه أن يثبت قلبك على دينه، ويزيدك إيمانًا وتقوى، ويزيل الأقفال والأغلفة عن قلبك وسمعك؛ حتى يكون للقرآن أثر فيك وتكون من المؤمنين.
عمل
[2] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ ليكن لك ورد سماعي من القرآن يرقق قلبك ويزيد إيمانك، فإنَّ سماع القرآن من أعظم ما يزيد الإيمان، استمع، وانصت، واستجمع فؤادك وكأن كل آية تخاطبك أنت أنت، ثم انظر لقلبك إذا استشعر أن الله يخاطبه كيف يكون؟
وقفة
[2] إن القلوب لتصدأ، فما جلاؤها؟ الجواب: ذكر الله ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾.
وقفة
[2] ليست العبرة كم ختمت القرآن من مرة في رمضان؟ وإنما الغنيمة والظفر بمقدار أي تغير إيجابي تجده في نفسك من أثر تلاوته وتدبره؟ قف مع نفسك بصدق، واعرضها على هذه الآية: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾.
[2] قال ابن رجب: «إذا ذاق العبد حلاوة الإيمان، ووجد طعمه وحلاوته ظهر ثمرة ذلك على لسانه وجوارحه، فاستحل اللسان ذكر الله وما والاه، وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، ويشهد لذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾».
اسقاط
[2] إذا أردت أن تعرف المقياس الحقيقي لإيمانك فاعرض نفسك على هذه الآية: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.
وقفة
[2] أفعال قلبية لزيادة الإيمان: ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون﴾.
وقفة
[2] ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ الذكر والطاعات لها أثر على القلب؛ ولهذا (وَجِلَتْ) قلوبهم, وأشد الذكر على القلب تلاوة القرآن.
عمل
[2] ذكر الله في كتابه أن ذكره علاج لقسوة القلب: ﴿الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ﴾ [الحديد: 16]؛ فتدارك قلبك قبل قسوته وموته بالذكر، قال رجل للحسن البصري: «يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي»، قال: «أذِبه بالذكر».
وقفة
[2] ﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ من أعظم علامات الإيمان: التأثر بكلام الله.
لمسة
[2] قال هنا: ﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، وقال في آية أخرى: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: 28]، فكيف الجمع بينهما؟ والجواب: الاطمئنان يكون انشراح الصدر بذكر الله، والوجل يكون من خوف العقوبة، والمؤمن -أثناء سيره إلى الله- يتقلب بين الحالتين.
وقفة
[2] قال هنا: ﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، وقال في آية أخرى: ﴿وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: 28]، فكيف الجمع بينهما؟ الجواب: أن المراد بـ(الذكر) ذكر عظمة الله وجلاله، وشدة انتقامه ممن عصى أمره، لأن الآية نزلت عند اختلاف الصحابة في غنائم بدر، فناسب ذِكْرَ التخويف، وآية الرعد: نزلت فيمن هداه الله وأناب إليه، والمراد بذلك الذكر: ذكر رحمته وعفوه ولطفه لمن أطاعه وأناب إليه، وجمع بينهما في آية الزمر، فقال تعالى: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: 23]، أي عند ذكر عظمته وجلاله وعقابه، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر رحمته وعفوه وكرمه.
وقفة
[2] قلوب المؤمنين تستجيب لذكر الله تعالى؛ وجلًا وخوفًا وعظمةً له ﴿إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
وقفة
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ نية جديدة احتسبها كلما قرأت القرآن: أن تكون سببًا في زيادة إيمان غيرك.
وقفة
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ استدل به السلف على أن الإيمان يزيد وينقص.
اسقاط
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ هل نحن من الذين يسمعون آيات الله فيزدادون إيمانًا، أم لنا -أو أن أكثرنا- يسمع آيات القرآن للطرب وللعجب، فإذا سمعها لم تجاوز أذنيه ولم تصل إلى قلبه وعقله؟
وقفة
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ هذا حال يجده المؤمن إذا تُليت عليه الآيات زاد في قلبه بفهم القرآن ومعرفة معانيه من علم الإيمان ما لم يكن، حتى كأنه لم يسمع الآية إلا حينئذ، ويحصل في قلبه من الرغبة في الخير والرهبة من الشر ما لم يكن. والسؤال: كم هي المرات التي نسمع فيها آيات الله، ولا تحصل لنا هذه الثمرات؟
وقفة
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ ووجه ذلك: أنهم يلقون له السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم؛ لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى ما كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقاً إلى كرامة ربهم، أو وجلاً من العقوبات، وازدجاراً عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان.
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ ليس اﻹيمان بالكلام فقط، حتى حال استماعهم (يزدادون إيمانًا).
وقفة
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ من أعظم ما يزيد الإيمان: الاستماع لآيات الرحمن.
وقفة
[2] شأن أهل الإيمان مع القرآن: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ لأنهم يلقون السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم؛ لأن التدبر من أعمال القلوب؛ ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، أو وجلًا من العقوبات، وازدجارًا عن المعاصي.
وقفة
[2] هل الإيمان يزيد وينقص؟ الإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والزيادة ثبتت بالآيات الصريحة كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾، وقوله: ﴿أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا﴾ [التوبة: 124]، وقوله: ﴿زَادَهُمْ هُدًى﴾ [محمد: 17]، إلى غير ذلك من الآيات، وفي القرآن ثمان آيات كلها مصرحة بالزيادة، ولم يرد التصريح في القرآن بالنقصان، لكن الإمام مالك يقول: (ما قَبِل الزيادة قَبِل النقصان)، وقد جاء في حديث نقصان دين المرأة: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ ...» [البخاري: 304]، فدل على أن الدين ينقص، وزيادته بما يقوي الإيمان من الأعمال الصالحة مثل كثرة الذكر وتلاوة القرآن وغيرها.
وقفة
[2] طالبو الإيمان الكامل يتعاهدون ويتفقدون إيمانهم، ويسعون لزيادته، ومن أسباب زيادته: ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾، فتحضر قلوبهم وتنصت وتتدبر حال سماعهم آيات القرآن.
عمل
[2] ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ حاول واجتهد في شهر القرآن أن تكون من أهل هذه الآية، فلن تجد فرصة أعظم من هذه.
وقفة
[2] ﴿زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه ويُنمِّيه؛ لأن الإيمان يزيد وينقص، فيزيد بفعل الطاعة وينقص بضدها.
[2] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ يعتمدون عليه في تنفيذ محابّه، لا على أنفسهم، وبذلك تنجح أمورهم وتستقيم أحوالهم، فإن الصبر والتوكل ملاك الأمور كلها.
وقفة
[2] ﴿وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ من صفات المؤمنين: التوكل على الله، وعدم التوكل على غيره.
وقفة
[2، 3] ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ۞ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾ قدم تعالى أعمال القلوب؛ لأنها أصل لأعمال الجوارح، وأفضل منها.