وَهِيَ قَوْله تَعَالَى:{ وَالْعَصْرِ}:
قَالَ مَالِكٌ:مَنْ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ رَجُلًا عَصْرًا لَمْ يُكَلِّمْهُ سَنَةً ، وَلَوْ حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَهُ الْعَصْرَ لَمْ يُكَلِّمْهُ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ هُوَ الدَّهْرُ .
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:بِنَاءُ ( ع ص ر ) يَنْطَلِقُ عَلَى كَثِيرٍ من الْمَعَانِي ، فَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَانِ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ:الْعَصْرُ:الدَّهْرُ .
الثَّانِي:اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ . [ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَنْ يَلْبَثَ الْعَصْرَانِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ *** إذَا طَلَبَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا
الثَّالِثُ الْعَصْرُ:الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ . قَالَ الشَّاعِرُ:
وَأَمْطُلُهُ الْعَصْرَيْنِ حَتَّى يَمَلَّنِي *** وَيَرْضَى بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَالْأَنْفُ رَاغِمٌ
وَقَدْ قِيلَ:إنَّ الْعَصْرَ مِثْلُ الدَّهْرِ] ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَبِيلُ الْهَوَى وَعْرٌ وَبَحْرُ الْهَوَى غَمْرٌ *** وَيَوْمُ الْهَوَى شَهْرٌ وَشَهْرُ الْهَوَى دَهْرٌ
يُرِيدُ عَامًا .
الرَّابِعُ أَنَّ الْعَصْرَ [ سَاعَةٌ مِنْ] سَاعَاتِ النَّهَارِ ، قَالَهُ مُطَرِّفٌ ، وَقَتَادَةُ .
قَالَ الْقَاضِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:إنَّمَا حَمَلَ مَالِكٌ يَمِينَ الْحَالِفِ أَلَّا يُكَلِّمَ امْرَأً عَصْرًا عَلَى السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ ، وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فِي تَغْلِيظِ الْمَعْنَى فِي الْأَيْمَانِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ:يُبَرُّ بِسَاعَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ ؛ وَبِهِ أَقُولُ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ عَرَبِيًّا ، فَيُقَالُ لَهُ:مَا أَرَدْت ؟ فَإِذَا فَسَّرَهُ بِمَا يُحْتَمَلُ قُبِلَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ ، وَيَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يُفَسِّرُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .