الْآيَةُ الْأُولَى:قَوْله تَعَالَى:{ ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّك عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:هَذَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ:{ اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} .
وَقَدْ رَوَى سَعْدٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:( خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ مَا يَكْفِي ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ من الرِّيَاءِ ، فَأَمَّا دُعَاءُ زَكَرِيَّا فَإِنَّمَا كَانَ خَفِيًّا ، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:أَنَّهُ كَانَ لَيْلًا .
وَالثَّانِي:لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي دُعَائِهِ أَحْوَالًا تَفْتَقِرُ إلَى الْإِخْفَاءِ ، كَقَوْلِهِ:وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ من وَرَائِي . وَهَذَا مِمَّا يُكْتَمُ وَلَا يُجْهَرُ بِهِ ، وَقَدْ أَسَرَّ مَالِكٌ الْقُنُوتَ ، وَجَهَرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ ، وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهِ جَهْرًا حَسْبَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .